بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 آب 2019 12:28ص عن الجفاف

حجم الخط
سؤال لطالما طرح سابقاً وتعدّدت الإجابات عليه، وحتى لو طرح اليوم ستتعدّد هذه الإجابات كون كل مجيب يجيب من زاويته خصوصاً إذا كان من خارج الدائرة الابداعية.

السؤال هو:

هل يجفّ المبدع؟..

هل يأتي وقت يشعر فيه انه قد قال ما يريد قوله؟..

أم ان طاقته قد استنفدت وانتهى خزينه؟..

حالات وأمثلة كثيرة في هذا المجال فيها من التناقض الشيء الكثير..

فما بين من يستمر في العطاء حتى الرمق الأخير وقد بلغ من العمر عتيا، وبين من يقتصر عطاؤه على ما يريد أن يكتب ويتوقف.. وهو في أوّج شهرته وأواسط عمره.

قد يقول قائل انها الحالة النفسية للمبدع هي التي تلعب الدور الأساس في ذلك... وقد يكون هذا صحيحاً إلى حدّ ما، ولكننا في الوقت عينه نعاين حالات كان الاكتئاب فيها هو الدافع إلى الكتابة الابداعية... حتى ولو انتهى الأمر بصاحبه إلى الانتحار..

ورأي آخر يتكلم عن طاقة محدودة يجري ضخّها عبر الكتابة إلى أن يفرغ الخزين فيودع الكاتب قلمه.

وثمة رأي آخر، أميل أنا شخصياً إلى صحته، ويتجسّد في قول للإمام الشافعي رضي الله عنه يقول (لو كُلفت بصلة... ما حللت مسألة)..

إذن هي تكاليف الحياة وضغوطها التي تلعب الدور الأساس في عطاء المبدع فالقتال على أكثر من جبهة تشتيت للجهد وبعثرة للطاقة بغض النظر عن نوعيتها وكميتها.

إذ لا يمكنك أن تقول للمبدع واصل ابداعك وهو يفكّر في كيفية تأمين قوت معيشته ومعيشة من هو مسؤول عنهم.

والحياة في قساوتها لا تعرف الرحمة وتوصل أحياناً إلى الإذلال الذي يتناقض كلياً مع العملية الابداعية وقادر على إطفاء أية جذوة قد تسبب دفعاً لإبداع ما.

وهذا لا ينحصر فقط في مجال الكتابة بل يشمل كافة مجالات الإبداع وفنونه..

في الكتابة الابداعية الإيديولوجية قد يسبّب إنهيار الإيديولوجيا التي يعتنقها الكاتب جفاف إبداعه كما حصل على سبيل المثال بعد إنهيار الاتحاد السوفياتي وسقوط إيديولوجيا لطالما عمّت وشملت شريحة كبرى من مبدعين في مجالات كثيرة تبيّن بعد حصول الانهيار توقفهم عن السير في ما كانوا عليه. وها هم الآن في زوايا النسيان.

تلك هي تبريرات..

لكن عالم الإبداع فيه من التشابك والغموض ما يجعل الإمساك بسبب حقيقي وجازم للإجابة على السؤال شبه مستحيل..