بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 تشرين الأول 2019 12:04ص «فرقت ع نوطة» نصف دزينة فنانين بمزاج موحّد جاذب

«بترا حاوي» حنجرة قادرة ومطواعة بالعربي والأجنبي ..

أعضاء فرقة «فرقت ع نوطة» الستة أعضاء فرقة «فرقت ع نوطة» الستة
حجم الخط
هي المرة الأولى التي نتعرّف فيها على فرقة «فرقت ع نوطة» رغم حضورها على الساحة منذ ست سنوات، عزفت وغنّت في العديد من الحفلات وأصدرت ألبوماً متنوّعاً يقدّم موسيقى متجدّدة هي مزيج من الأنغام والنوتات والمدارس الغنائية بطريقة عفوية لا تصنّع فيها ولا تكلّف بل فطرية في كل شيء بما يريح السامع والعازفين الخمسة (وجدي بو دياب – بيانو، زاهر حمادة – باص غيتار، علي صياح – غيتار، رغيد جريديني – ساكسوفون، وجهاد زغيب – درامز) والمطربة الوحيدة (بترا حاوي) القادرة مع تحلّيها بصفة الغناء دونما جهد لكن بإجادة، أن تظل مبتسمة على مدى وقت العرض تماماً كالنجمات الكبيرات.

السهرة التي عشناها بإنسجام وحميمية كانت في «مترو المدينة» المكان الدافئ بالفنون الأصيلة والعروض الجميلة ذات الوزن والمعنى، وأسفنا لأن فنانيْن هندييْن لم يتمكنا من الحصول على فيزا لدخول لبنان (لإعتبارات لم نعرفها) والمشاركة في الحفل وهما المغني «لامبانغ سيلييه»، وعازف الغيتار «موفيم بانشابلانغ»، هذا لمجرد العلم والخبر، بينما جاء التعويض من خلال العرض الدسم بالموسيقى والغناء ومحطات قصيرة خفيفة الظل للعازفين، تفاعل معها روّاد الصالة بإيجابية كاملة بعدما تحوّلت العلاقة بين الطرفين إلى تماهٍ وثقة ومعرفة متبادلة أثمرت صداقات وتخاطباً بالذهن بدا واضحاً من ردّة الفعل على ما يقدّم.

وفيما قام العازفون بأدوارهم على أكمل وجه، ظل حضور «بترا» خاصاً ومحبباً ومطلوباً من عموم الحاضرين مع ملاحظة أنها لا تضع ورقة أمامها بكلمات الأغاني أو تراتبيتها، معتمدة على ذاكرة فولاذية جعلتها تنتقل من مناخ إلى آخر بعفوية وتدفق وكأنها تحفظ كل شيء عن ظهر قلب ولا داعي لمساعدة أو دعم من أي نوع. وقد أحببنا غناءها بالعربية الفصحى والعامية أكثر من لسانها الغربي رغم إجادتها فيه، وهي أكدت تمتّعها بموهبة خاصة لا تحتاج إلى شهادة فيها مع تمتعنا بكل ما غنّت على مدى لامس الساعتين من دون ملل أو تكرار.

اللائحة طويلة ومتنوّعة (مشّي معي تا نروح، بدك ياني حس، حاسة بالغلط، منشان كرسي ع مسرح، رنا عيونا مدينة، ستي قالتلي وبويا ما قليش، أغنية الفرقة المصرية دعسوقة، يا طير الغراب، لا تسالني ليش القمر، مضناك جفاه مرقده – وصفتها بأنها أغنية حديثة من العصر الحجري، ما فيش فلوس، خلوا الشوارع، ع أبواب الماضي لما بتمطر عبالي يا رب تكوني قبالي، إسمعني شو بدي قلك، رواق شو رواق إعطيني هالوراق، بتدور يا بيروت) كل هذه الأغاني وبعض غيرها غنّتها «بترا» زارعة الخشبة راحة وخفّة ظل ومن وقت لآخر مخاطبة أو الرد على بعض الرواد كجزء من الود السائد بين الصالة الصغيرة الكبيرة والخشبة المزدوجة منذ أيام «هشك بشك» (تقدّم بشكل متواصل منذ 6 أعوام) وبعدها «بار فاروق» (تُقدم منذ 3 سنوات على التوالي)، وعروض أخرى جعلت من المكان الصغير (الذي لطالما شاهدنا فيه – صالة الجيب - عروضاً سينمائية خاصة أيام حياة الراحل «خالد العيتاني») مساحة فنية ثقافية رحبة المساحة والتأثير لا بل إن مهرجانات بيت الدين طرقت باب المسرح وأفردت له مكاناً (بار فاروق) على خشبة أهم مهرجانات الصيف في لبنان. التحية للمكان والقائمين عليه ووجوده تحوّل إلى ضرورة ومتنفس خصوصاً بعدما ضاقت الهوائيات بالثقافة والأصالة، والفضائيات غلب عليها الترفيه بعيداً عن الفكر والعمق الفلسفي والحياتي، أما الخشبات فلا حول لها ولا قوة، مشكلتها في قلّة عددها، وإرتفاع بدل إيجارها اليومي، وغياب الأعمال الضخمة المحترمة.