بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 أيلول 2018 12:25ص فضّ اشتباك

حجم الخط
تهالك على مقعده حين رآها قادمة وسحر جمالها ورائحة عطرها يواكبانها مثل آلهة الجمال في الميتولوجيا الفرعونية..
دارت به الدنيا...
تهلل وجهه، رغم إنه كان ينتظر عودتها في أيّة لحظة.. لكنه في نفس الوقت، لم يستطع أن يمنع شعوراِ ساوره منذ اللقاء الأول، بأنه محطة لقطار كلما شعر بالتعب يلجأ إليه، وكلما أحس بقسوة الحياة وعذابها يعود صاغراً لينعم بدفء لقائه قبل أن يغادر ثانية!!.
حين اقتربت منه ولؤلؤ العينين على الخدين مثل ندى تموز.. أحس بأنه شجرة وأن عصفورته قد عادت إليها.. وقف وراح يتفرس الوجه الحبيب..
تأمل الشعر، العينين، الوجنة، الشفتين، الرمشين، العنق، اليدين، الجسد، وكل التفاصيل الصغيرة، دار حولها دورتين ثم احتضنها بحنان يسع الدنيا.. وابتسم لأول مرّة، رغم أنه على يقين بأنها سترحل من جديد، ربما غداً أو بعد غدٍ.. وهو يجد لذة لا تفسير لها في ذهابها وإيابها لأنها تشبهه، إذ ماذا تعني الحياة حين تسير في طريق صباحه مثل ليله، ويصير الإنسان مجرّد آله صماء لا روح فيها، آلة فقدت معاني الشوق واللهفة والحنو والعطف..
جلسا على الشرفة بينما قرص الشمس في منزلة الغروب، راحا يتأملان البحر الساكن الذي يشبه السكون الذي ساد علاقتهما دائماً وجللاه بصمت متبادل..
قال لها بعد صمت طويل: بحر الصيف يا عزيزتي لا يوحي بشيء، لا يحرك المشاعر، وهو على عكس بحر الشتاء الذي يضج بعنف طارحاً ألف سؤال، وهو يشبه علاقتنا في مدها وجزرها، فأنا ذات يوم، حين أطل وجهك ليؤنس وحدتي، ظننت أن الشمس قد أشرقت من الغرب، والبحار صارت بحيرات شوق، والنجوم أقماراً والنسور فراشات.. حين أطل وجهك حسبت أن العمر قد تكور في قلب اللحظات والثواني ليعيد إلى شراييني دفقاً إفتقدته..
المرأة استغرقت في صمتها المريب والكئيب، متصنعة الإصغاء... أنوار الشمس راحت تتلاشى رويداً رويداً أخذةً في طريقها ظلالها... الرجل رشف ما تبقى من فنجان قهوته ومضى دون أن ينبس ببنت شفة.. هي تبعته وعلامات الغضب مرتسمة على محياها... صفقت باب المنزل خلفها، وعمّ السكون..