بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 آب 2018 06:05ص فضاء بعلبك إحتضن رائعة جورج خباز

«إلاّ إذا.. The musical» نكهة لبنانية أنغاماً ولوحات..

حجم الخط
 ليلتا عرض (10 و11 آب/ أغسطس الجاري) لمسرحية الفنان «جورج خباز» الأخيرة (إلاّ إذا ..the musical) في معبد باخوس ضمن برمجة مهرجانات بعلبك الدولية. وكان أمراً طبيعياً عدم وجود أي مقعد فارغ، فـ «خباز» إعتاد ذلك على مدى حفلات عروضه على خشبته «شاتو تريانو»، ولم يتبدل شيء في فضاء بعلبك المفتوح على ماض قديم جداً وعلى غد واعد ببشائر الخير والسلام.
أضاف الفنان الشامل إلى مسرحيته الناجحة بإمتياز جماهيري، عنصرين إضافيين من الروح اللبنانية العريقة هما الموسيقى بنت الحرف والحضارة والأصوات الجميلة، واللوحات الفولكلورية التي تعكس حس الأرض وسعادة الإنسان وتدخل عميقاً في الزمن حاملة معها كل معاني الرجولة والإباء والإنتماء، بحيث إكتسب الكلام عن علة عللنا الطائفية والمذهبية أهمية خاصة لا تدع مجالاً لأي إستفهام عما فات المسرحية من تفصيل مهم يرصد الواقع اللبناني ويُوصّفه حتى تصل الرسالة إلى عناوينها المحددة.
عكست «إلاّ إذا..» جوانب المعاناة اللبنانية من الزرع السيء الذي نبت في أرضنا نتيجة البذرة السامة التي دسّها أعداء لبنان في تربتنا جيلاً بعد جيل، وكان «خبّاز» جريئاً في إقتحام هذه المنطقة المكهربة بكثير من الألغام، وبدا سيد ساحته وهو ينقضّ على ما علق في بعض الأذهان من شوائب وأفكار سوداء ما زالت تطل برأسها من وقت لآخر لزعزعة ركائز الوحدة الوطنية في بلدنا. العمل سبق لنا وقرأناه نقدياً ووضعنا له علامة مميزة في الكيفية التي صاغها وعالجها الفنان «خباز» وجعل الشرائح اللبنانية على إختلافها تصفق وتضحك وأحياناً تُدمع على واقع كاد يُطيح بمقوّمات لبنان لولا العناية الإلهية وجمع من النوايا الوطنية الطيبة التي حمته ورعته وأعادته وطناً تليق به الحياة.
«.. the musical» أُضيفت إلى العنوان الرئيسي «إلاّ إذا»، وحصل نوع من التماهي في سلوك النص صوب الموسيقى التي نهلت من واقع الروح اللبنانية التي ما عرفت إلاّ الألفة والفرح فكانت الصياغة النغمية تضرب على وطن الحنين، نوستالجيا الإنتماء، والحب ملح الأرض، وعلى كل ما حملته الأيام من عادات وتقاليد وحضارة، وإذا بنا أمام معلم آخر من صورتنا وهو الفولكلور واللوحات الراقصة التي تعني مع كل خبطة قدم على الأرض فعل ثبات وقوة حضور وقرار حرية، ومع تشكّل اللوحات من راقصين وراقصات تبدو معالم الألفة الإجتماعية بين الجنسين في مجتمعاتنا التي ما عرفت حياة هانئة إلاّ مع الأحبة إثنين إثنين، تمهيداً لأحلى صورة حياتية: العائلة.
المايسترو «لبنان بعلبكي» قاد 37 عازفاً و12 كورالاً كانوا جميعاً في حالة إستنفار كاملة لمواكبة أدق الضربات الموسيقية المطلوبة والمترافقة مع حوارات المسرحية، وفق النص الدقيق، وكان النجاح حليف التجربة الحية التي تجعل من الموسيقى عنصراً رئيسياً في لعبة الإبداع المسرحي، وبدت المقاطع النغمية كأنها موسيقى تصويرية للعمل، وكانت تنزل في مكانها ويشعر المتابعون بمهارة القيادة كما بيقظة العازفين مما يزيد في القناعة بأن الخشبة مكان صالح لكل المؤثرات الفنية سمعية كانت أم مشهدية بحيث تتمثل الحياة أمامنا صورة طبق الأصل عن الواقع المعاش.
الـ 18 شخصاً من راقصات وراقصين هم أعضاء فرقة مجد بعلبك الفولكلورية، قدّموا أمتع اللحظات الراقصة، مع تشكيلات مريحة للعين ونشاط ملحوظ للراقصين بحيث يعكس فعل الرجولة عند الراقصين، وملامح الأنوثة عند الراقصات وهم دخلوا على العمل من باب اللحظة المناسبة للتعبير عن فعل إنساني وطني تماماً كما تلاحقت صور فنانينا الكبار (الأخوان الكبيران عاصي ومنصور الرحباني، السيدة فيروز، نصري شمس الدين، صباح، زكي ناصيف، فيلمون وهبي، وديع الصافي) تكريماً لهم على حجارة معبد باخوس في خلفية العمل المسرحي.