بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 نيسان 2024 12:00ص فنانات من جيل العمالقة برعن في دور «الأمومة» (1/2)

حجم الخط
زياد سامي عيتاني

في الحادي والعشرين من شهر آذار كل عام، يحتفل العالم بأسره بأعظم عيد على الإطلاق ألا وهو عيد الأم، التي تعجز كل الكلمات في توصيف عظمة هذه المناسبة الجليلة...
ومع هذا الاحتفال المجيد نتذكّر أيقونات فنية من جيل العمالقة من أبرع وأبرز الممثلات اللواتي جسّدن دور الأم في تاريخ الأفلام والدراما العربية، واللواتي أصبحن مثالاً للأمومة بما تختزن وترمز إليه من عطاء وتضحية وحنان بلا حدود...
وتجسيد دور الأم على الشاشة ليس بالأمر البسيط كما يعتقد الكثيرون، فمشاعر الأمومة ليس من السهل أن تجسّدها فنانة لم تذق طعمها، لكن الغريب أن أمهات السينما المصرية لم يذقن طعم الأمومة في حياتهم الخاصة، ومع ذلك إستطعن أن يجسّدن دور الأم ببراعة، مما جعلهن يحصلن على لقب أمهات السينما المصرية، فمشاعر الأمومة الجيّاشة التي كانت تؤدّيها كل منهن على حدى كانت تجعلك تشعر وكأنها والدتك الحقيقية التي تخاف عليك، وتبكي عليك وتسهر على راحتك.
وبمناسبة عيد الأم، نوجّه تحية وفاء وتقدير لأبرع الممثلات اللواتي أدّينا بصدق وحنان متدفّق دور الأم، من خلال الإضاءة على أعمالهن، عبر جزئين متتاليين:
فردوس محمد «أم السينما المصرية»:
(13 حزيران 1906 - 30 كانون الأول 1961)
لقّبت فردوس محمد بـ«أم السينما المصرية»، إذ ساعدتها ملامحها المصرية الخالصة وطيبتها التي تميّز أمهات مصر أن تنال هذا اللقب، فظهرت في العديد من الأفلام بصورة الأم المثالية التي تفني أيامها في سبيل تربية أبنائها.
ولعبت الفنانة فردوس محمد دور الأم لأغلب فناني السينما المصرية على الرغم من أنها كانت في بعض الأحيان أصغر سنّاً من غالبيتهم، ولكن موهبتها وقدرتها على أداء الدور تجتاز هذه المفارقة بنجاح باهر فهي مثلا أصغر سنّاً من كل من أم كلثوم، ويوسف وهبي، ومحمد عبد الوهاب، وعديد من الممثلين الكبار التي عملت معهم.
ويرجع البعض براعة فردوس محمد في أداء دور الأم إلى أنها عاشت يتيمة الأبوين وتزوجت وانفصلت وهي صغيرة السن، ثم انضمت إلى فرقة عبد العزيز خليل وعملت خلالها في عديد من الأوبريتات.
وبالرغم من لقبها «أم السينما المصرية» فأنها حُرمت من هذا الإحساس، فلم تكن محظوظة مع الإنجاب في الواقع. إذ توفي لها ثلاثة أبناء بعد ولادتهم، وحين رُزقت بالمولودة الرابعة، أعلنت أنها تبنّتها خوفاً من الحسد، وذلك كما نصحتها إحدى صديقاتها المقرّبات، بأن تخفي الأمر، وتقول إن المولود توفي كالعادة. ولكن لم تستطع أن تمنع مشاعرها عند زواج إبنتها «سميرة»، لتعترف أمام الجميع بأنها إبنتها، وإلى جانب هذا كانت مريضة بالسرطان، وعانت في أواخر حياتها بشدّة من المرض حتى رحلت عن عمر يناهز ٥٥ عاماً.
فلا تُنسى أدوار فردوس محمد كأم لشكري سرحان في «شباب امرأة»، ومربّية لليلي مراد في «غزل البنات»، والأم التي تردد الأمثال الشعبية في «قمر 14»، والتي ترفض المال الحرام من فريد شوقي ابنها في «الأخ الكبير»، ودورها في «إحنا التلامذة»، ومع العندليب في «حكاية حب»، وأم عنترة في «عنتر بن شداد»، والأم القوية في «صراع في المينا»، وأم الضابطين في «رد قلبي».
ولعل أبرز مثال لحملها لقبها فيلم «شباب امرأة»، حيث جسّدت دور الأم التي تسعى لتوفير النفقات لنجلها الذي يسافر إلى العاصمة للالتحاق بالتعليم الجامعي. كما قدّمت دور الأم البسيطة التي تسعى للحفاظ على حياة أبنائها الخاصة في فيلم «عفريتة إسماعيل يس» فكانت طيلة أحداث الفيلم تسعى لإصلاح حياة نجلها الوحيد. وظهرت في دور الأم الكفيفة التي على الرغم من عجزها تسعى لتربية نجليها وذلك في فيلم «حكاية حب»، وكذلك في أفلام: «هذا هو الحب»، «إبن النيل»، «الأفوكاتو مديحة»، وكان دورها الأشهر في فيلم عنتر ابن شداد وتجسيد معاناتها تضامنا مع مشكلة نسب ابنها عنتر خاصة مشهد معرفتها بخبر هلاكه.
أمينة رزق «عذراء السينما المصرية»:
(15 نيسان 1910 - 24 
تموز 2003)
«عذراء السينما المصرية» ليس مجرد لقب منح للراحلة أمينة رزق، لكنه كان واقع حقيقي، فأمينة رزق تزوجت الفن، وكانت أمينة رزق تحظى بإحترام كل العاملين في المجال الفني، وتعتبر مثالا يحتذى به في التفاني في عملها وانضباطها، واعتبرها الجميع بمثابة أم حقيقية لهم، فكانت الراحلة تتمتع بطيبة قلب، فكان الجميع يناديها ماما أمينة، رغم أنها لم تتزوج، ولم تعش إحساس الأمومة الحقيقي ولكنها أدّته أفضل ما يكون الأداء.
وتميّزت الفناة القديرة أمينة رزق بملامح وجهها المصرية البسيطة، وحنانها الجارف ووجهها المليء بمشاعر الأمومة مع مسحة من الحزن، الذي جعلها تتربع ملكة على عرش «الأم» وتمثيلها ببراعة.
برعت أمينة رزق في تقديم أدوار التراجيديا، التى أجادتها، وتميّزت بأدائها لدور الأم المثالية.
وبالطبع لا يُنسى دورها العظيم في فيلم «بداية ونهاية» للكاتب العالمي نجيب محفوظ، وكذلك أدوارها في أفلام «التوت والنبوت»، و«قنديل أم هاشم»، و«عودي يا أمي»، و«المجرم»، و«بورسعيد»، و«التلميذة»، و«بائعة الخبز» و«الشموع السوداء»، وأيضا دورها المميّز في فيلم « دعاء الكروان»، للكاتب الكبير الراحل طه حسين...
وكان أول دور أم جسّدته أمينة رزق عام ١٩٤٥ في فيلم «الأم» ولم تكن تجاوزت عمر الـ٣٥ سنة.
آمال زايد «الأم المقهورة»:
(27 أيلول 1910 - 23 أيلول 1972)
تُعدّ آمال زايد من أشهر من مثّلن دور الأم في السينما المصرية في حقبة الستينات، وتنوّعت أدوارها بين الكوميديا والتراجيديا، فلا يستطيع أحد أن ينسى دورها الكوميدي في فيلم «طاقية الإخفاء»، وفيلم «عفريت مراتي». أما على الصعيد التراجيدي فقد برعت فيه في العديد من الأفلام على رأسها بين «القصرين»، و«شيء من العذاب»، و«شيء من الخوف»، و«بياعة الجرايد».
وقد تركت آمال زايد علامة مميّزة وبصمة حقيقة عن شخصية الأم المصرية في السينما، وذلك من خلال دورها المميّز في فيلم «بين القصرين»، إذ وصفت هذه الشخصية بأنها الأقرب لواقع الأمهات الطيبات المصريات اللواتي يعانين من تسلّط الأزواج مع الزوجات والأبناء، لكنها على الرغم من ذلك تسعى لتكون الجانب العكسي لشدّة الآباء، وتحتضن أبنائها.
كذلك، من الصعب نسيان «الست أمينة» الأم الفطرية زوجة السيد عبد الجواد «يحيى شاهين» في فيلم «قصر الشوق».
كما أجادت تجسيد دور الأم المغلوب على أمرها في فيلم «شيء من الخوف» بطولة شادية ومحمود مرسي وإخراج حسين كمال.
-------------
- يتبع: هدى سلطان، عزيزة حلمي، فاتن حمامة، شادية، وكريمة مختار