بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 كانون الثاني 2018 09:26ص لبنان ليس هكذا...!

حجم الخط
بعض الأحيان في اوقات استراحتي، احب ان اطلع على ما يجري من حولي، فافتح التلفاز، هذا العالم المليء بكم هائل من الاشياء التافهة المملة، التي لا شأن لهم هؤلاء سوى البحث والتقصي عن الامور السطحية، ينقلونها الى المشاهد بطريقة تجعله يحب ذلك ويكره ذاك، والمشكلة الأكبر، ان المشاهد يصدق ما يسمع وما يراه للأسف.
 
يضحكني كثيراً كلما أسمع تعليقات على التلفزيونات الفضائية، أو أقرأ مقالات في صحف وعلى صفحات التواصل الإجتماعي،  تنتقد تفشي «الحرية المطلقة» في لبنان، وهذه التعليقات تتفق على أن لبنان ليس بلد حرية سافرة كما يصورنه فقط ، بل بيروت هي عاصمة جراحة التجميل وهي كل ما يشغل اللبنانيين. وهذه الآراء الغبية لا تقتصر على الجاهلين. فتقول مثلاً مقدِمة برنامج مصرية معروفة جداً: «إيه دا لبنان ما فيهاش حاجة غير عمليات التجميل الخ» ويقول آخرون إنّ المال هو الإله الذي يعبده اللبنانيون وأنّ اللبنانيين يفعلون كل شيء مقابل المال. طبعاً الأغلبية الساحقة من المصريين وباقي الشعوب المحيطة،  تفهم أنّ لبنان هو ليس هذه الصورة البشعة ويحبون لبنان واللبنانيين. ولكن هذا الكلام موجّه لمن لا يعرف.  
 
لماذا أضحك؟ لأنّ أصحاب الاراء والتعليقات التافهة هم الذين جنوا على أنفسهم. فهم سعوا بأنفسهم إلى ما يرضي أذواقهم الغريزية عن لبنان فعشقوا فنانة معينة حتى الثمالة وأدمنوا على متابعة المذيعات والمطربات اللبنانيات المثيرات ومشاهدة برامج التوك شو الليلية وكليبات اليوتيوب المثيرة للغرائز عن اللبنانيات واللبنانيين. 
 
هؤلاء رسموا صورة نمطية ساذجة في أذهانهم عن لبنان وهي صورة سطحية وتبسيطية وليست جدية لبلد شديد التعقيد اجتماعياً وثقافياً. 
 
نعم يوجد «حرية» مطلقة في لبنان وهو علني أكثر من معظم الدول العربية، لأنّ الحرية موجودة في اية دولة في العالم، ولكنّه مكتوم بدرجات متفاوتة بين بلد وآخر. ويوجد في لبنان نوادي سهر وعلاقات بين الجنسين. ولكن، لبنان ليس كما تصورنه فقط، لقد أهمل السطحيون مثلاً  أنّ في لبنان 500 دار نشر و40 جامعة بعضها هو من بين الأهم في العالم العربي، وأنّ نسبة التعليم هي الأعلى، بين العرب (إلى جانب فلسطين وتونس مثلاً)، وأنّ في لبنان هناك عشرات المسرحيات الدرامية والكوميدية والمؤتمرات الفكرية والثقافية وبشكل يومي وأنّ نسبة اللبنانيات واللبنانيين اللواتي والذين يتقنّ ويتقنون 3 لغات على الأقل هي الأعلى في العالم (لغات عربي - فرنسي - إيطالي - انكليزي - ألماني - اسباني - أرمني - برتغالي...) وأنّ في لبنان مناخ حريات نسبي على عيوبه الكثيرة وصحافة تهاجم السياسيين بشراسة وبرلمان وتغيير في الحكومة والرئاسات نسبياً مع العيوب. وأنّ بيروت في بعض المسائل هي عاصمة رئيسية للثقافة العربية. وفي الحريات يمكن تسمية تونس ولبنان. 
 
فإلى الذين لا يرون في لبنان سوى «المطربات» وبرامج الحسناوات والإثارة أقول هذا: 
 
أولاً، أنتم غارقون في غرائزكم ولا ترون سوى واحد بالمئة من لبنان وتهملون الباقي. 
 
ثانياً، أنتم لا تعرفون من هؤلاء المطربات حقا، بل كل ما في الأمر أنّكم تعانون من مشكلة هي مشكلتكم الذكورية أنتم لأنكم لا ترون سوى جسد المطربة، فإذاً أنتم بحاجة إلى طبيب نفسي. 
 
ثالثاً، إذا كان بعض الدول مكبوتاً عاطفيا ونفسياً فلا تقارنوها بلبنان وتقولون بلادنا طاهرة ولبنان غير ذلك. فمن الطبيعي أن ترتدي المرأة اللبنانية ما تريد، وأؤكد لكم أنّه بامكانكم الإقامة في لبنان لفترة طويلة ولن تروا شيئاً يخدش ذوقكم الشريف إلا إذا كنتم تبحثون عنه. بينما أنتم مشغولون بتلك المطربة وغيرها من المطربات، هناك ملايين اللبنانيين  واللبنانيات،  هم في أشغالهم وجامعاتهم غير مبالين بما تعتقدون، او تفكرون، هم سائرون نحو المستقبل، ولا يكترثون بما يقول عنهم بعض الجهلاء.