بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 تشرين الأول 2017 12:05ص للشعر هالته.. حافظوا عليها؟...

حجم الخط
تنهال كالغيث الدعوات لحضور امسيات يتم وصفها بالشعرية، وتعج صفحات وسائل التواصل خصوصاً الفايس بوك بنصوص يصح فيها التعبير المصري «اي كلام» وكان المقصود منها إيصال رسائل بصيغة ما.
وتقف هنا امام موقفين لا ثالث لهما بالنسبة للدعوات إلى الأمسيات إما الذهاب والتضحية بالوقت والجهد للفرجة واغلب الأحيان لهز البدن من سخافة وركاكة وسطحية معظم ما يُلقى.
أو البقاء في المنزل باحثاً في التلفاز عن مادّة ما حالية من «الخبيط» و«اللبيط» وضرب «البوكسات» وتبادل إطلاق النار خلال القفز على السطوح، و«تشفيط» السيّارات وهي تتطاحن لتولّد لديك الرغبة الجامحة في الهرب الذي تكرهه ولكنه يفرض عليك.
وفي حال عدم ذهابك..
يأتيك العتاب بدرجات مختلفة لا يخلو بعضها من حدّة خصوصاً من أشخاص يحبونك ويرغبون في حضورك وهم مشكورون على هذا الشعور النبيل. لكن الأمر له من الشمولية أكثر من كل ما ذكرنا، وأيضاً وقبلاً من الأهمية.
كما يبدو اننا ما زلنا إلى حدّ ما اثار ذكريات التراث حين كان الشاعر هو لسان حال القبيلة والجماعة لا بل وزير اعلامها واحياناً خارجيتها...
وذاك الزمن ولّى...
وذاك الزمن كانت لديه من المعاني ما يؤهل للوصول إلى التصفيات النهائية كما يحصل في بطولات كرة القدم هذه الأيام.
فإلى جانب جواهر المتبني والمعري وقبلهما اصحاب المعلقات كان هناك من يقول:
عجب عجب عجب عجب
قطط سود ولها ذنب..
لكن ذلك كان يُرمى في سلّة مهملات الإبداع ويستمر فقط على سبيل التفكيه والتندر ليس أكثر...
كان لدى المتلقي من المقدرة ما يكفي للفرز بين الغث والسمين والظاهر اننا اليوم لا نعاني فقط من مشكلة المنبع بل أيضاً من مشكلة المصب أي المتلقي.
في أمسية ما سمعت من الشعر أو ما قالوا إنّه كذلك ما يخدش الاذن والذوق وقبلهما اللغة..
وإذ بالتصفيق يتعالى وكان ينقص ان يصرخ البعض «اعد».. كما في حفلات أم كلثوم.
قد يقال الآن هذا من «لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب» حقيقة الأمر ليس كذلك..
فأنا مع بعض السخافة في بعض ما يلقى تأكيداً لنظرية:
خدان إذا اجتمعا حسنا
والضد يظهر حسنه الضد..
ولكن ليس ان تكون الغالبية العظمى مجرّد «صف حكي» وبحث عن مفرده مختلفة.
هذه ليست ورقة نعي... بل هي دعوة لبعض العاملين في بعض التجمعات الثقافية للتركيز على النوع قبل التركيز على العلاقات الشخصية.
فالافضل ان لا تقدّم شيئاً من ان تقدّم ما يدفع على النفور من الشعر وأهله... تلك هي هالته... حافظوا عليها.. فمن الظلم ان يذهب الصالح في موجة الطالح...