بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 تشرين الثاني 2019 12:00ص لوحات الفنان خالد السيّد في ساحة النور بطرابلس النظرية الفنيّة التشكيلية في الثورات

الفنان خالد السيّد مع إحدى لوحاته الفنان خالد السيّد مع إحدى لوحاته
حجم الخط
يحاول الفنان التشكيلي تبسيط مطالبه الحياتية في الثورات جماليا من خلال رسومات تحمل العديد من القراءات وهي ذات نهج تصوّري لا يخرج عن سياق الطابع الانتاجي للفن التشكيلي الذي يخدم المطالب المحقة لشعب خرج إلى الساحات، ليواجه الكثير من التحدّيات من خلال الريشة والألوان، والتصوّرات القادرة على منح البصر الكثير من التبايانات التي تجمع بين النظرية الفنية التشكيلية في الثورات، وبين الانتقاد للسياسات التي تضع الكثير من القيود أمام أبسط المطالب المحقة للشعب، وان بدا الأمر من خلال الرسومات غامضاً إلا أنه يحمل في طياته الجمال، لانه يستحضر الكثير من المعاني الإنسانية التي تختصر أهداف ثورة سلمية وقعت في جميع المناطق اللبنانية دون إستثناء، وفي ساحة النور طرابلس تحديداً التقيت الفنان «خالد السيد» وهو ابن منطقة التبانة التي شهدت في سنوات الحرب الكثير من السجالات المناطقية وهو في العشرينات من العمر، حاملا ألوانه ولوحاته، ليرسم تارة ويرفع لوحته ويمشي بها تارة أخرى، وعندما سألته عن سعرها قال لي ليست للبيع هي ملك ثورة نعيشها هنا في ساحة النور، ولتبقى لوحاتي ذكرى لهذه الثورة التي جمعتنا في طرابلس ولبنان دون تحيّز.

كلّل «خالد السيد» لوحته باللون البرتقالي والأزرق، لرجل تحمل كوفيته الكثير من الألوان التي ترمز إلى المذاهب والطوائف اللبنانية التي اجتمعت في ثورة ما من حجارة فيها، وإنما في علم لبناني احتضن قبضة اليد القوية، وفتح الرؤية جماليا إلى النتائج التي أحرقت الدواليب، وأغلقت الطرقات باختصار في لوحة مؤثّرة تتجلّى المأساة فيها بالمعنى المجازي في التعابير القوية التي جمعها بتطوّر هو في بطن الثورة، والمجتمع المحمل بالمعيارية السياسية التي أغلقت على نفسها بغموض سياسي أشار له بقبضة اليد الأخرى المرتفعة، وبازدراء مبطّن يسلّط الضوء من خلاله على لونين أساسين، وبطابع فني موسوم بالواقعية التعبيرية القائمة على رمزيات الألوان في هذه الثورة التي تمّ فيها رفع العلم اللبناني ضمن مواجهات فردية هي افتراضات رؤيوية من ناحية فنية تحفّز ظهور العديد من الاحتمالات الحركية، وبحيوية الخطوط المتجانسة نوعا ما، وبانفعالات واضحة دمجها بزخم ثوري يهدف الى تصوير ثورة الشكل والمعاني في لوحته، ووظيفتها الاجتماعية والسياسية التي تثير مسألة التفكير بالمطالب لدى الشعب الذي خرج من الألوان كلها.

حقيقة ما دفعني لكتابة المقال هو شدّة التعبير الواقعي في اللوحة التي اختصرت الكثير من مواقف الشعب بعفوية عصامية، وعبر ألوان شدَّها بتدرّجات واضحة قوية التباين مع الحرص على الخطوط واتجاهاتها، وان بدت اللوحة بقياساتها بعيدة عن المعايير التشكيلية القوية تقنيا، إلا أنها تجذب البصر إليها جماليا، إذ حملت الخطوط قوة ثورية ضمن الكثير من المشاهد المعقدة، والمتعلقة بجدلية الشكل والمحتوى في رسومات الفن التشكيلي خلال الثورة، ونشوة هيمنة المجتمعات التي خرجت من الضغوط النفسية والاجتماعية وحتى السياسية، وهي تشدّ قوتها لتناضل مع كافة الألوان، وتؤثر على الانتصار الذي أراده «خالد السيد» من خلال لوحته التي رسمها وحملها، ليحكي من خلالها ما تريده الثورة في طرابلس تحديدا، وفي لبنان من خلال العلم الذي يلامس قبضة اليد، ولن أحدد التناقضات في هذه اللوحة التي خرجت عن المعايير التقنية والتزمت بجمالية التعبير والتخيّل بواقعية، والقدرة على وضع البصر أمام ثورة فنية تشكيلية جمالية بامتياز هي رسالة قوة لمن هو قادر على تحليل مضمونها. فهل من مفردات فنية ثورية في لوحات تشكيلية عصامية خرجت بعفوية من ريشة خالد السيد؟