بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 تشرين الثاني 2019 12:01ص ما يعلق في الذهن

حجم الخط
منذ أيام كتبت على الـ «فايسبوك» «بوست» هو ما يلي:

الدهر... (يوم عليك ويوم عليك).

وكان القصد منه انه ما دام العمر يتناقص يومياً ويقرب من النهاية المحتومة التي هي نهاية كل مخلوق... فأن الدهر عليك ومن ناحية أخرى ما دامت تكاليف الحياة تثقل كاهلك وترزح تحت أثقالها وتعاني من مشاكلها... فأن الدهر عليك..

وكانت المفاجأة في التعليقات التي وردت على الـ «بوست» إذ ان معظمها قرأه كالتالي: (الدهر يوم معك ويوم عليك) وهو قول معروف ومتوارث..

وهو قول قديم علق في الذهن لكثرة تكراره، فكان ان تمّت قراءة عنوان الـ «بوست» كما ورد في الذهن وليس كما هو بالفعل..

لذلك دلالة على ما يمكن للذاكرة والتكرار أن يؤثّران في كل المجالات، فعلى سبيل الإعلام يتكرّر في المجال الشعري الإبداعي تعبير الشاعر الكبير فلان الفلاني..

فيتكرّس الانطباع عن عطاء هذا الشاعر حتى ولو كان نصه هشّاً ودون بريق.

والأمر ذاته ينطبق على كافة ألوان الإبداع.

لذلك يلعب الإعلام دوراً أساسياً في تكريس هذا الانطباع..

ولذلك أيضاً نفهم هجمة أهل الإبداع على الظهور في الإعلام صورة وكتابة، فعندما يتكرّر إعلامياً على سبيل المثال (يشارك في الندوة الشاعر فلان) يتمّ بصورة غير مباشرة زرع صورة الشاعر في الذاكرة والذهن.

وأحياناً كثيرة يكون رأسمال الرجل محاولات لإصطياد الشعر لم يتوفّق في معظمها.

ما يعلق في الذهن من الصعب محوه أو اقتلاعه لأنه يصبح جزءاً من اللاوعي الذي يتحكم في نواحٍ كثيرة من التفكير والسلوك.

من هذا المنطلق، وفي المجال الابداعي تحديداً، هناك الكثير من الأسماء التي كرّست في ميدانها وهي لا تستحق، بينما هناك الكثير من المغمورين لديهم الكم الوافر من العطاء البارق...

هو بعض من ظلم؟..

صحيح.. هو كذلك... لكنها الحياة التي أحياناً تعطي من لا يستحق وتحرم من له الحق..

 إلياس العطروني