بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 تموز 2019 12:02ص مصير الإنسان

حجم الخط
لا شك في ان إنسان اليوم سيطر إلى حدّ كبير على عالمه، فهل تراه سيفقد هذه السيطرة وحتى معناه كإنسان؟

خلال القرن الماضي، حققت البشرية المستحيل حوّلت القوى المنيعة في الطبيعة، وخصوصاً المجاعة والطاعون والحرب، إلى تحدّيات يمكن إدارتها، وبات أناسٌ يقضون بسبب التخمة أكثر منهم بسبب قلّة الطعام، ثمّة أناس يموتون من تقدّمهم في السن أكثر منهم بسبب الأمراض المعدية، ثمّة أناس ينتحرون يفوق عددهم أولئك الذين يقضون على يد الجيوش والارهابيين والمجرمين مجتمعين. نحن الجنس الأوحد على وجه الأرض الذين غيّروا العالم كلّه، ولم يعد لدينا وسيلة لمزيد من الهيمنة في سبيل قولبة مصائرنا كما يطيب لنا.

ما الذي سيحلّ محلّ المجاعة والطاعون والحرب في أعلى سلّم الأولويات؟ ما المصائر التي ستكوّن مصائرنا وما المساعي التي ينبغي لنا القيام بها؟ هل نستطيع تجاوز مشكلة الموت وابتداع حياة صناعية؟

ان مساعينا هذه شأنها أن تجعل كائنات بشرية ما غير ذي جدوى. أنّى لنا أن نحمي هذا العالم السريع العطب من قدرات الهدم بالذات التي لدينا؟

ليس في وسعنا أن نوقف سيرورة التاريخ، ولكن من شأننا أن نؤثّر في توجّهه.

حيالنا امكانات تقنية مذهلة، ولكن القيم الإنسانية كالحرية والمساواة تبقى من الضرورة بمكان.

هل يتجلّى التألق الحقيقي حصراً بالثياب القشيبة والسيارات الفخمة والأسلحة الفتّاكة أم بالأجسام السليمة والعقول الرشيدة والنفوس الكبيرة؟

هل نستعيض من الثورة الصناعية التي ولّدت الطبقة العاملة، بثورة تلغي كل الطبقات؟

ألا تنبئ طريقة معاملة الحيوانات ببروز أناس «متفوقين» ينزعون إلى معاملة مماثلة لسائر أبناء جلدتهم.

هل تتلاشى الديمقراطيات النسبية والسوق الحرة أمام تنامي الـ «غوغل» والـ «فايسبوك» التي تعرفنا أكثر مما نعرف أنفسنا؟ هل تزول الخصوصيات لمصلحة الشبكات العلائقية الرقمية؟

ان البون لشاسع بين مواكبي التطوّر التكنولوجي والآخرين، والفرق بين الفئتين يبدو أكبر من ذاك الذي فصل ذات يوم الامبراطوريات الصناعية عن القبائل الزراعية. فهل ترى العالم يتجه شطرَ جماعة «متفوّقين» تهيمن على سائر البشر؟

وعشْ رجباً ترَ عجباً!



أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه وجامعات فرنسا