بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 أيار 2019 12:44ص معرض الفنان «زوهراب» الرؤى الاسلوبية الفنية المتعدّدة

حجم الخط
تتغنّى الألوان في لوحات الفنان «زوهراب» التي تُعرض في غاليري (اكزود الأشرفية) بشوامخ الأشكال وتقاربها فيما بينها، وان تناقضت التفاصيل الأخرى مستخدما الرؤى الاسلوبية الفنية، المتعددة في لوحة ذات متغيّرات بصرية، مبنية على نقاط تؤسّس الهيكل الجمالي للوحة. إذ يمنح «زوهراب» الألوان فيزيائية مرئية تستمدُّ من الضوء قدرتها على التفتيح والاشراق أو التعتيم، فيشعر المتلقي بالأضداد اللونية رغم أسس النقاط الثابتة، وبهذا تحمل لوحات «زوهراب» بمجملها مفاهيم الثابت والمتحرّك عبر الرؤى والتصورات للتجريد والتعبير أو (ألمشخّص وغير المشخّص) 

فالانضباط والتقييد بمعايير الضوء أثناء الرسم هي من فرضت عليه الخروج من الزمان والمكان لمحاورة المتغيّرات البصرية، بتنوّع الأركان الفنية ضمن أطر الريشة والقدرة على التحكم بها، وبالإيقاعات الأخرى من فراغ وظل، وإيحاءات ذات تأمّلات مفتوحة على الحس المتذوّق لجمال الطبيعة والإنسان. فهل أدرك «زوهراب» روحانية الوجود من خلال الولوج الى سر النقاط الداخلية في لوحاته التي تركها شفرة وجوده في جمالية الحياة برمّتها؟

تتميّز لوحات الفنان «زوهراب« ببلاغة فيزيائية، بمعنى قدرة الذهن على فهم النقاط الثابتة والمتغيّرة، وتوزيعها ضمن خارطة تتماشى مع التجريد والتعبير وسوى ذلك من متنفسات التشكيل، وتبقى كخارطة فنية تحمل بصمة ريشة هي «زوهراب» المتجاوز لحدود الموجود الى الوجود نفسه. لتبقى الألوان تتنفس من الحياة! الضوء عبر الوميض المنبعث من فروقات التدرّجات، وإعادة تشكيل كل مفردة فيها مرة أخرى بتعبيرات أخرى، كأنه يثير الايحاءات بتجاوز الخطوط والأشكال، وترك الانطباعات وفق جملة من الخصائص التشكيلية المحبوكة في لوحات قد تبدو بسيطة في الألوان إلا انها عميقة التخطيط بنقاطها، وذلك للارتقاء بالمعنى التشكيلي نحو الاستمرارية والاحساس بالتجدد في كل مرة يتأمّل الرائي لوحاته من خلال الطبيعة التي يغزلها بشتى المعاني التجريد والتعبير وغير ذلك، بتخيّلات تتراءى أبعادها حسّيا كالراحل الباقي في تفاصيل يزرعها في النقاط، كأن كل نقطة هي قطرة ماء تتغذى منها ألوانه المتوهجة والخافتة. لست هنا أكتب شعراً في لوحات زوهراب، وإنما أدركت بشكل أوسع مدى إصراره على حفظ لوحاته على قيد الحياة بعد الرحيل من خلال هذه النقاط التي تشكّل السياج الحقيقي لوجودها بما يريده هو لا الناقد الفني أو المشتري لها، وبهذا حافظ «زوهراب» على ميزان لوحاته بمجملها دون تكرار للنقاط التي لو جمعناها لظهرت جيومتريا موازينها وان بدت تعبيرية تجريدية ذات انطباعات مختلفة أو غير ذلك.

تكتسي الألوان في لوحات «زوهراب» شاعرية ذات وجدانيات يطلقها توحي بقوة الحركة ضمن الثابت، وقد يتناقض ذلك ويخلق اشكاليات في المساحة الواحدة التي يفتحها على الزمن متحرّرا من المكان من خلال الخطوط والانيثاق الضوئي من بين الألوان والخطوط، بتجاوزات فنية لا تخلو من فصولية زادها فصولا حتى لتجد في لوحات «زوهراب» حدائقا لا تنتمي لفصول الحياة، إنما للبقاء الانطباعي أو بالأحرى التجريدي غير الملموس وإنما المحسوس غير الخامد ولا الذي يضج وإنما الوعي الفني الفردوسي الذي يلهب الأحاسيس، ويمنح الجمال والحب للمتأمّل لها وللمخبوء فيها، لإظهاره وتحديد ملامح هويته، للتمتع بثقة بما تتوازن به اللوحة من تشكيلات غزلها بمرونة وصلابة، ليتحكم بالتنامي اللوني المتغذي من الضوء، وهذا سر لوحاته الضوئية الألوان والفيزيائية بما تبقّى من ينابيع الخصوبة التي تتشكّل على أرضية لوحات تضفي الاحساس بالجمال المستقر في النفس لإثارة البصر وحصره بما يشبه الحقل المغنطيسي، وإنما في لوحات هي حديقة جمال معلقة بين نقاط الضوء وشوارده المؤثرة على الألوان. فهل هو الجمال الأثيري الخاطف الذي يتحسّسه المتلقّي عند رؤية لوحات زوهراب؟ أم هو النقاط المحسوبة بدقة والتي تكتسي من الحياة متغيّراتها؟ بعد كل هذا أقول يصعب عليّ جدا الكتابة عن لوحات زوهراب وهو راحل عن دنيا أبقى فيها لوحاته التي تحمل من روحه جمال الطبيعة والحياة أو ما أراد أن يلامس به الإنسانية لتكون لوحاته رسالة سلام دائمة الجمال.

معرض للفنان «زوهراب» (Zohrab) في «غاليري اكزود» (Galerie Exode) الأشرفية.