بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 شباط 2020 12:01ص معرض الفنان مامر تالوستان قيمة الجمال الجوهري

من المعرض من المعرض
حجم الخط
يكشف الفنان «مامر تالوستان» (Mamer Talostan) عن أسرار أحلام اليقظة النابعة من الميثولوجيا والأساطير، والكائنات المستحدثة من عوالم خرافية يمدّها فنيا بأسلوب يثير من خلاله الجوانب الأساسية في المعتقدات الى الجانب الإنساني، والتفرّد بمضاعفة الخطوط والعيون أو البؤرة المتكررة بابتكار الكائن الفريد من نوعه أو الاستنساخ الناتج عن الرغبة في الخروج من المألوف، بأشكال متعددة حتى لو تشابهت أو تطابقت، إلا انها تتناقض مع التحوّلات في التشابه التقني للشخصيات التي يختارها ليرسمها، فتصبح اللوحة هي المهد الذي يحتضن التخيّلات أو التغييرات للكائن الذي يرمز الى الأحلام، وفق الرموز والأنماط اللونية الهادئة في أغلبها، كصاحب المزمار الذي يجعلنا نعود الى قصص الأطفال والقصص العالمية المشهورة، وما ينتج عنها من ابتكار لتصوير شخصياتها، مما يتعارض مع مفهوم التجانس في رسومات الأطفال وما يرسمه مامر، إذ تضعنا لوحاته أمام ميثولوجيات ذات صياغة حسيّة شفّافة في تطلّعاتها، تبعا لمفهوم فني ينفصم عن الاضطرابات النفسية وسواها، إذ تستقر الشخصيات الكاريكاتورية نوعا ما في المحتوى أو ضمن زمان ومكان ولون، ومساحة وفراغ فقط كخرافة لا تعتمد على التعبير الحركي فقط في الألوان والظل، وإنما بإعادة صياغة الفكرة الأسطورية بإثارة عمق المقاربات بين الشخصيات التي يرسمهاباختصارات وتكثيف تتأرجح بين المعقول واللامعقول، وبريشة تنتمي لحداثة يرسم من خلالها هواجس الإنسان ومخاوفه، بانتظار الحكايا واطلالتها الساحرة التي تجعلنا نغوص في عوالم المجهول، لابتكار شخصيات جديدة نتمسّك بها كشعار للوجود أو لجماليات في عوالم أخرى. فهل البساطة في أعمال «مامر تالوستان» تنتج شخصيات كرتونية تميل الى الخيال الرمزي المدمج من الناحية الجمالية مع الأحلام التي لا يمكن إدراكها إلا ضمن الشكل أو الوجه القادر على محو المخاوف بعد تفسيرها من ريشة ترسم تخيلات لعوالم أخرى؟

يشكّل تعزيز اللوحة بالألوان في أعمال الفنان «مامر تالوستان» تحدّيات تستجيب الريشة لهامورفولوجيا، وبتناسب ينتج عنه تآلف بين الشكل واللون بشكل غير مفرط، وان لأشكال أسطورية يستخرجها من الذات تبعا لمخزون ذهني يحتفظ به في التأليف أو التحفيز الفني ومن ثم العودة الى رؤية الذكريات التي تسترشد بها الأحاسيس أو الريشة التي تتبع مخزونها الثقافي، ليشير الى المخاوف الناتجة عن الصراعات الداخلية بين البشر، والأطر الميثولوجية الأخرى التي يحوّلها الى نماذج معروفة، وفق الايحاءات الذهنية النابعة من حكايا الأطفال وأساطيرهم، وحتى بعض شخصياتهم الكرتونية أو حتى عن قراءات ميثولوجية دينية مستحدثة بعيداً عن مسألة الأشكال والألوان والتصميم والقياسات والمعايير، إلا انه لا ينأى بالريشة بعيداً عن التفرّد بالجمال، إذ يرتجل لنستكشف معه قيمة الجمال الجوهري في العوالم المتخيّلة، مما يخلق نوعا من المفارقات التشكيلية بين شخصياته التي يختارها بعين واحدة أو عيون متعددة، لما للعين من قيمة روحية متعددة الأبعاد، وباحساس فطري نستنبش من خلاله خبايا الشخصيات الكرتونية القابعة في ذاكرتنا الطفولية التي يستنسخها مامر ببساطة فنية لا سذاجة فيها، وتخضع لقوانين اللوحة التي يريدها لانتاج عوالم تغوص فيها السمات الإنسانية ورموزها الفرويدية أو الشوبينهاورية ان أمكن القول، لتحويل الوهم الى رمز، وبالتالي للسيطرة على الرغبات والمخاوف من خلال خصوصية العمل الفني الذي ينتجه بشكل خلّاق وبجمالية تتسامى معها الدلالات الفنية الأخرى.

معرض الفنان «مامر تالوستان» (Mamer Talostan) في غاليري الرميل بيروت (392rmeil392) ويستمر حتى 29شباط 2020.