بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 تشرين الأول 2018 12:02ص معرض «بطرس فرحات» في البلمند

وحكايات منحوتاته لا تنتهي

حجم الخط
معرض «بطرس فرحات» الحاضر في قاعة المعارض – مبنى الزاخم حرم جامعة البلمند في الكورة والمحتوي على قرابة الــــــ75 منحوتة بأحجام وخامات مختلفة يحمل اسم «حكاية حجر»، وقد تكون أسماء المعارض وعناوينها قليلة الأثر على الزائر الذي يتجول بين أعمال هذا النحات المجتهد والذي يلعب بالأحجار، أكانت من صخور محلية أو من الرخام أو الغرانيت وغيرها، من منطلق العارف والساعي إلى اقتراب مختلف نحو الخامات يزاوجها وقد يجدلها ويلويها بعكس ما قد تظهره طبيعتها.
يمسك بيدك حكواتي الحجر ليهديك دربه الخاص الذي صنعه بكثير من الدربة واكتساب الخبرة وابتكار الفكرة التي يخترعها. إلا انه في لمحة مصادفة، أو بتكوين مبتكر من غصنين من شجرة، يحيلك إلى الطبيعة وغنائيّتها كما إلى مدرستها المفاجئة الساحرة الساخرة، ربما من كل ما تحاول خلقه، حيث انه فيها ومنها تخرج منحوتة «بعد غياب» وكأنها لتقول لك انه يوجد دائمًا من هو أبرع منك وأكثر اتّقانًا لفنّه زمنًا فالتًا وأشكال لن تقدر على الإتيان بمثلها أو في أحسن أحوالك ستقلّدها وتبرع في مشابهة انحناءاتها وانجدال غصن الأصل بالمتفرّع منه. هذا الدرس يخترق عفويّته وفرادته وانسحابه إلى الطبيعة الأصل ليحوّله، بتشارك واسهام في الخلق، إلى ادماج للغصن المتروك أو الملموم والمختار، في ما اطلق عليه تسمية «ثمن حرب». إذ يدمج بين الغصن الملوي العنق مع صخر بلدي محمرّ من تربة الجبال وشاغلاً عليه ليصبح مع الغصن كعناق فراغين فقد كل فرع من المادتين جزءاً عزيزاً يستعيض عنه بإشباع يأتي ليحل محل المفتقد بكثير من التلوّي والانجذاب الذي يحيلك إلى حركة بشرية إنسانية برّاقة.
أما إذا بحثت عن حكايات أو عن مربط لأفكار تحوم حول هذه الصفوف المجانبة بعضها إلى بعض  والمتقاربة فلا بد ان تشغلك «أحرار»، «عناق»، «عشق» وهي كلّها حول فكرة انسجام الأجساد واستعادتها للتكامل الواضح الذي تعكسه الكتلة الحجرية، على أنواع وألوان مادّتها، كما والحرص على تحوّل غالبية مسطحاتها المفتقدة إلى الحدّة والزوايا الحادّة لتصبح كتلة ناعمة المنظر والملمس وسلس النظر إليها وكأن المشاهد يقترب من شأن قدسيّ. 
من دون ان نتغاضى عن الكتابة والــــــ»كتاب» بأكثر من مظاهر له ولها والمستعيدة للإنجيل مع السبحة من ناحية والأيقونة النصب أو المنحوتة وصولاّ إلى حضور الرموز الدينية الأخرى التي كانت دائمة الحضور في عمل النحات اليومي والتي كانت لتزيّن العديد من الأماكن. غير ان الحرب الأهلية اللبنانية التي حضرت بكتابها الأسود مخلدة لتاريخ بدئها اعتبارًا من 13 نيسان 1975 لم تكن هي الطاغية فالولادة والتماسك واللقاء والعائلة بأكثر رموزها الحيوية مجسّدة بانحناءة أنثوية على حمل منتظر لولادة كانت حقائق ومواضيع متوافرة تؤمن فرح الانسجام وصلابة الحفر المتفائل والمحتفى بالحياة لا بل وأكثر من ذلك. كأن النحات يصل بعمله إلى سلام المتنعمّين برغبة المشاركة لكل من يفرح بالمشاهدة ان يصل سلامه ولو بصعوبة وتردّد.
جان رطل