لا أنكر أبداً، شجاعة وإخلاص وتفاني كل من نزل إلى شوارع الثورة، من مذيعين ومذيعات ومصوّرين ومهندسي صوت (الخ...) لنقل حقيقة وقائع ما يحدث علىالأرض بحرفيته، ولتسجيل آراء ومواقف المحتجين الثوار المقيمين في الساحات، على امتداد ساعات النهار والليل، من أقصى شمال لبنان إلى أقصى جنوبه، وأسباب إنضمامهم للثورة، وماهية المطالب التي ينادون بها، وإلى آخر ما هنالك من آراء يتمُّ نقلها مباشرة عبر أثير كل المحطات التلفزيونية العاملة في لبنان سواء من داخل الإستديوهات أو من مواقع الأحداث...
لكنني بالمقابل، أجد من الواجب أن أنكر على حاملي وحاملات الميكروفونات، الساعين والساعيات وراء أي نبأ جديد، تكرارهم الأسئلة ذاتها على مختلف المواطنين الذين «وافقوا» على الظهور، والتحدث، وهي أسئلة «لا تُسمن» في معظمها و«لا تُغني» من جوع، وإنما تُظهر - للأسف - ضعفاً كبيراً في مستوى «ثقافة الحوار» الواجب حضورها في مثل هذه المناسبات، لدى الساعين والساعيات إلى «إستنطاق» النّاس؟! ما يؤكّد ان القيِّمين على شاشات التلفزة في لبنان، سارعوا إلى «الإلقاء» بكل من لديهم من إعلاميين وإعلاميات إلى «سوق العمل» قبيل اعدادهم لتأدية دور «المحاوِر» في مثل هذه الأحداث!
كنا نتمنّى - مثلاً - لو تمّ طرح أسئلة - والوقت ما زال متاحاً - عن مستوى ثقافة هؤلاء النّاس؟ أو إلى إي قطاع مهني ينتمون؟ وان كانوا يحملون شهادات علمية؟ وما هي الدوافع (العلمية) التي دفعت بهم للنزول إلى الشارع؟ وهل هي سياسية؟ أم اجتماعية - اقتصادية؟! أم.. أم... أم... ليكون لآرائهم مكانتها لدى المستمعين والمراقبين!؟
وأيضاً، كنا نتوقّع - وما زلنا - عدم تدخّل مندوبو المحطات التلفزيونية في آراء الضيوف (ولا نقول عدم محاورتهم)، وإنما عدم جرف أحاديثهم إلى ما لا يريدون، وحيث لكل واحد من هؤلاء رأيه النابع من ثقافته ومستوى علمه، هذا إضافة إلى ان الواجب المهني يحتِّم على صاحب كل ميكروفون، عدم قطع أي رأي، إلا في حال خروج صاحبه عن «أدب الحديث»؟!
ويبقى ان ملاحظتنا هذه ليست إنتقاصاً لا سمح الله من الدور المهم والكبير الذي يتولّاه هؤلاء الإعلاميون والإعلاميات المتواجدون على الأرض، وإنما هي مجرّد «لفت انتباه»، أو «تصويب»، كي لا يقال ان الإعلام المرئي في لبنان «يقمع» رأياً، أو ينحاز لغير الحق والناس...
ومجدداً... تحية من القلب لكل إعلامي وإعلامية ينقلون للمشاهدين، الصورة الحيّة عن ثورة لبنان...