بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 كانون الثاني 2019 12:01ص نجيب البعيني.. رحل فارس الكلمة

حجم الخط
رحل فارس الكلمة، فارس الأدب الأستاذ نجيب البعيني، الذي استعجله الموت وغيّبـه وهو في عـزّعطائـه. وهو الأديب الأريب والباحث الفـذّ، والمحقّـق اللمّـاح والكاتب النّحـرير. كان دائمـاً يقـدّم الجـديد، ويسبغ على مؤلفاته الإيضاحات، فيجعل لها رونقـاً وروعـة. لأن التجـديد مـن علامات الـرّقي والإندفاع نحـو المثل العليا. وكان مؤمناً مـوحّـداً، بعيـداً عـن الطائفية والمذهبية، لأنـه يعتبـر الـدّين معاملة ومحبّـة وأخـلاق. 
تـربطني بالأستاذ نجيب علاقة اخوية. كان أخـاً مخلصاً وصديقاً صادقاً وعشيراً أنيساً. فانتسبت منـذ عشر سنوات إلى مجلس إنمـاء قضاء الشوف الذي يرأسه، وعملنا معاً برفقـة زملاء يتمتّعـون بالثقافة والثّقـة والمـزايا الخلقية العالية. كان يـدعونا للإجتماع في منزله في مزرعة الشوف صيفاً، (نائب الرئيس ورؤساء اللجان وأمبن السر وأمين الصندوق). فيستقبلنا مع عقيلته الأستاذة نجـوى التي نكـنّ لها كل التقدير والإحترام. ويجـري البحث حـول الأعمال المنوي القيام بها. كان متواضعاً مترفّعاً عـن الصغائر، يتصرّف بمنتهى اللياقة والتهذيب. يطرح الأفكار ويستمزج الآراء، وتجـري مناقشة المواضيع وإقـرار ما يجب إقـراره ووضعه قيـد التنفيـذ. كمـا كنت ألتقي وإيّـاه في مقهى يونس في محلة الحمرا في بيروت، بحضور أدباء وشعراء. نتبادل الأحاديث بأمور ثقافيّة مختلفة.
خلّـف الأستاذ نجيـب مـا يـزيد على العشرين مـؤلفاً في السيرة والرواية والتاريخ ، منها كتابان باللغـة الإنكليزيـة. ومقالات عـديدة نشرت في عشـرات الصحـف والمجلاّت، التي أغناها بفكـره وقلمـه. ولعلّ أهميّة مـؤلفاته إنها أعادت إحياء تـراث عـدد كبير من الأدباء والشعراء الذين ارتحلوا عن هـذه الذنيا. وبالإضافة إلى تـرؤسه مجلـس إنمـاء قضاء الشوف، كان عضواً في الحركة الإجتماعية التي أسسها الـرّاحل المطران غـريغوار حـداد، وعضواً في الهيئة الإدارية لإتحاد الكتاب اللبنانيين، وعضـواً في مجلس أمناء مكتبة الأمير شكيب أرسلان الدولية في الشويفات. والمـدير المسؤول لمجلة الضحى تجـاه المراجع الرسمبه طوال العام 2018.
بـوفاة الأستاذ نجيب البعيني في ذلك اليوم الأسـود، طويت صفحة لامعة من صفحات الوطـن، وتـوقّف قلمـه وسكت لسانـه الذي كان أداة في قـول الحـقّ. فـرحل وغاب وجهه الأنيس، لكنّـه بـاق في ذاكـرتنا وضميرنا. ومـؤلفاته باقيـة إرثـاً ثقافيا، ومـرجعاً لكل قـارئ وكاتب وباحث ونـاقـد. ومَعلمَـةًً إنسانيةً تنيـر الطريق لملايين المثقفين وعشّاق المعرفة في لبنان وفي عالمنا العـربي. 
 نـديم الدبيسـي
باحث في التاريخ