بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 كانون الأول 2019 12:00ص نديم الوزة لـ «اللــــواء»: «الشعوب العربية لا تقرأ لذلك لا علاقة لثوراتها بالقلم»

الناقد وليد الوزة الناقد وليد الوزة
حجم الخط
يكتب الناقد والشاعر «نديم الوزة» وفق رؤية نقدية حديثة تحلّل الاشكاليات في كتابات مختلفة، وعبر نظريات يتبنّاها في النقد تخدم النص الإبداعي، وتلاؤمه من حيث القيمة الأدبية التي يحافظ على إظهارها لتحاكي العمل الأدبي متجاوزا ضبابياته أحيانا ملتزما بالمناهج والنظريات، ومتحرّرا من الضوابط النقدية الكلاسيكية. إذ تقوم كتاباته على  بناء نقدي ذي اتجاه معاكس له مبرراته النفسية أو الاجتماعية والفلسفية والواقعية، ونلمس ذلك في كتابه «انتصار الجسد وهزيمته في روايات حنا مينا» الذي ترجم من خلاله أسلوبه النقدي وبحيوية تتكيّف مع الموضوعية الهادفة، ومع الشاعر والناقد «نديم الوزة» أجريت هذا الحوار:

{ محاكمة نقدية ومستعمر فكري وفي النهاية تمتلك روحية مختلفة في النقد، هل اعتبرها قراءة متأنّية ينتج عنها نظرة نقدية؟

- ربما لو استبدلنا كلمة «مستعمر» بكلمة أخرى مثل مستثمر سيكون القول أقرب إلى واقع الحال لناقد عربي مسالم يبحث عن الحرية ويرغب أن يعيشها مع الآخرين. وهذه الرغبة رأسمالها المعرفي هو الاستحواذ على الفكر الإنساني واستثماره في مشروع إبداعيّ جديد، قد يكون نظرية نقدية. لمَ لا؟

{ الكاتب والناقد نديم الوزة بين «شهوة الآنسة صوفي» و«مدينة غريبة كأمي» ماذا تخبرنا عن ذلك؟

- إنها حياتي المعيشة وقد كتبت عنها بشكل إبداعي بمختلف أنواع الخطاب الأدبي، فمنذ بداياتي المبكّرة وأنا أسرد حيناً وأغنّي حيناً. و كتاب (المدينة غريبة كأمّي) يتناول شيئاً من حياتي في دمشق بينما تتناول رواية (شهوة الآنسة صوفي) شيئاً من حياتي في اللاذقية. وما يجمع بينهما وكتبي الأخرى بما فيها النقدية هو فلسفتي في فهم الحياة وكيفية عيشها.

{ بات الكاتب غريبا في الوطن العربي القابع تحت عبء الثورات هل حصد صاحب القلم مساوئ الثورة العربية ؟

- الشعوب العربية لا تقرأ لذلك لا علاقة لثوراتها بالقلم، وهذا سبب أساسي في فشلها. فهي محقّة في تعبيرها عن الألم، لكنها لا تعرف بدقّة ما هو الداء، وإذا عرفت الداء فهي لا تعرف الدواء. وعدم القراءة يجعل المريض يصدّق المشعوذين والطبابة الشعبية وما شابه.. بهذا المعنى أنا أكتب من أجل الثورة ولكن الثورة القائمة على المعرفة بما ينبغي للوصول إلى مجتمعات متحرّرة من أمراضها وتخلّفها.

{ أنت شاعر والشعر رأس الهرم الأدبي ومنه تنبثق التفاصيل الأدبية الأخرى ما رأيك؟ ولماذا توجهت للنقد؟

- حسب أرسطو كلّ الكتّاب شعراء، لذلك نتحدّث عن الشعرية في جميع الأجناس الأدبية، وإن تطوّرت هذه الرؤية في العصر الحديث وصار هناك نوع من التمييز بين الشعرية والأدبية كما يقترح تودوروف. بالنسبة لي قرأت النقد بداية لأطوّر مهاراتي في الكتابة الشعرية والأدبية، ولكن مع مرور الأيام صرت أطرح أسئلة على النقد ولا يجيب عليها. لذلك صرت أبحث عن الأجوبة بنفسي.

{ مسرح سعدالله ونوس في ظل فقداننا للكثير من خشبات المسرح الحقيقي لماذا اخترت مسرح ونوس تحديدا وهل قمت بدراسات نقدية شعرية؟

- في الحقيقة هناك من طلب منّي الكتابة عن سعد الله ونوس، تحديداً دار النشر التي طبعت الكتاب. وحين وجدت أنّ ذلك يتوافق مع مشروعي النقدي الذي بدأته حول الشعرية العربية وافقت ولا سيما أنّ شعر سعدالله مرتبط بشغل بريخت وما يعنيه ذلك من النأي عن المحاكاة والحداثة والدخول في فضاء ما بعد الحداثة أو الحوار بينهما كما أرغب. الكتاب الذي أنجزته بدافع ذاتي كان عن شعرية (هادي دانيال) لما تتيحه هذه الشعرية من مقاربات عربية واضحة لقيم ما بعد الحداثة المتداولة لدى نقاد الغرب. ولكن مع اختلاف الدوافع والمقاصد بين الشاعر الغربي والشاعر العربي.

{ ما رأيك بالنقد الروائي اليوم؟

- أزمة النقد العربي أنّه يتلقّى النقد الغربي من غير مقدرة على سؤاله وحواره. لذلك لم يزل يقرأ الرواية العربية ضمن التعاليم الغربية العامة وغالباً القديمة منها مما يجعل هذا النقد غير نافع ولا يميّز العمل المبدع عن غيره، وهذا ما يُلاحظ في الدراسات الجامعية بكثرة بحيث يمكن أن نقرأ ذات الأطروحات عن أعمال نجيب محفوظ وأعمال أيّ روائي آخر بسبب النمطية النقدية. ولم يتغيّر الحال اليوم بل ازداد سوءاً بسبب غياب الدوافع الذاتية للإبداع وارتباطها بالتمركز المالي للثقافة في دول الخليج. وكما هو معلوم يتعامل الخليج مع الثقافة كنوع من الـ «بريستيج» ويساعده الغرب على ذلك إذ ليس من مصلحة الغرب المستعمر أن تمتلك الشعوب العربية ثقافة حياة حرّة.

{ على ما يبدو  تمارس النقد التشكيلي أيضاً؟

- من يطمح إلى اكتشاف نظرية نقدية من الحيوي أن يفكّر  بنظرية لعلم الجمال. وهذا العلم يشمل جميع أنواع الفنون، بما فيها الفنّ التشكيلي. وقد كتبت عدّة مقالات ودراسات عن أبرز الفنانين التشكليين السوريين، وحين تسمح الظروف سيكون لديّ كتابين عن الفنّ التشكيلي: الأوّل عن نظرية الفنّ والثاني عن الفنّ التشكيلي السوري.

{ هل أنت راضٍ عن مسيرتك الأدبية وما العثرات التي صدفتها وما زلت تصادفها؟

- راضٍ كلّ الرضى لأنّ ما أنجزته حتى الآن كان بلا مقابل بل جاء على الرغم من الضغوط التي يتعرّض لها المفكّر الحرّ في مجتمعات استبدادية مثل مجتمعاتنا وأنظمتها. أما عن العثرات فهي مستمرّة بسبب الاستبداد وعدم توفّر حاضنة محترمة من القرّاء كماً ونوعاً.