بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 نيسان 2019 12:05ص يوم رفض وديع الصافي كتابة إسمه بالأحرف الأجنبية!

حجم الخط
تحت عنوان «اللغة العربية شعلة تنطفئ أمام سراب الشمس الكاذبة» كتب الأستاذ محمد صالح أبو الحمايل، مستنكراً إغفال الحرف العربي عن الكثير من مواقعنا الحياتية - الاجتماعية - التجارية - العلمية، ومتطرّقاً في مقالته المميّزة الى ما يحدث على شاشات التلفزيون، بعد الإنتهاء من عرض أغنية لأحدهم أو لإحداهن، وحيث تتسلسل قائمة أسماء المشاركين في تنفيذ تصوير هذه الأغنية بأحرف لاتينية، برغم ان الأغنية، بكافة مكوّناتها التقنية والفنية، بما في ذلك مستمعيها «عرب أقحاح»، ولكنهم مأخوذون بالثقافة الأجنبية!
هذه الفقرة في مقالة أستاذنا الكريم محمد صالح أبو الحمايل، استوقفتني، لأنها ذكّرتني بما حدث ذات حفلة أقيمت في العاصمة الفرنسية «باريس» في تسعينيات القرن المنصرم، وكان نجمها الأوحد مطرب لبنان الكبير، الراحل وديع الصافي، وحيث كنت شاهداً على الحادثة..
والذي حدث، هو ان المتعهِّد، وهو لبناني مقيم في باريس، دخل علينا في صالون الفندق الفرنسي، حاملاً الإعلان الذي صمّمه عن الحفل الذي سيحييه مطرب لبنان الكبير، بعد بضعة أيام، وكان مكتوباً باللغة الفرنسية بالكامل: إسم المطرب الكبير، مكان وموعد الحفل، أسعار تذاكر الدخول، وإلى آخر ما هنالك من معلومات تكتب عادة على «الأفيش» الإعلاني..
وشهادة للحق، فإن منظِّم الحفل كان ذوّاقاً في إختيار صورة المطرب وديع الصافي، بمثل ما كان ذوّاقاً في توزيع المعلومات على «الأفيش»، لكن المطرب الكبير، انتفض في تلك الليلة محتجّاً على كتابة إسمه تحت رسمه بالأحرف اللاتينية (بالفرنسية) معتبراً ان اسمه وديع الصافي وليس «وديه» الصافي، على اعتبار أن حرف «العين» غير موجود باللغة الأجنبية ويستعاض عنه بحرف الهاء، وبحيث يصبح الإسم Wadih Elsafi؟! وامتعاض المطرب الكبير تحوّل إلى إعتراض ثم إلى مطالبة بتغيير «الأفيش» وطباعة إسمه باللغة العربية، تحت طائلة الإنسحاب وإلغاء الحفل، ما اضطر المتعهد إلى طباعة كمية موازية لعدد «الأفيشات» تحمل إسم مطرب لبنان باللغة العربية، وإلصاقها فوق الإسم المكتوب بأحرف أجنبية على الإعلانات، مع العلم ان مطرب لبنان الراحل يحمل الجنسية الفرنسية؟!
وبعد إنتهاء الحفل، سألت المطرب اللبناني الكبير لماذا كان الإصرار على استبدال الإسم المكتوب بالأحرف الأجنبية؟! وكان ردّه:
- وديع الصافي الذي غنّى «لبنان يا قطعة سما» سيبقى عربياً وان حمل أكثر من جنسية، فأنا، إضافة الى الجنسية اللبنانية، أحمل الفرنسية والبرازيلية والمصرية وسواها، ولكنني أبقى وديع الصافي اللبناني العربي، وأرفض أن يُكتب اسمي بغير الأحرف العربية، مهما كانت المبررات، ومن يريد حضور حفلاتي فليحضرها بإسمي العربي وليس الغربي... ثم ان الجنسيات التي حصلت عليها كان لها أسبابها، لكنها لم ولن تلغي انني لبناني عربي.
ومنذ ذلك التاريخ، لا أذكر ان أي حفلا كان نجمه وديع الصافي، كتبت إعلاناته بغير اللغة العربية، وكل الشكر للأستاذ «أبو الحمايل» على إثارة هذا الموضوع، لما يحتضن من احترام وقِيَم للغتنا الجميلة، وأيضاً لما له من تأثير على أجيال صاعدة، ربما أبرزها «فقدان الهوية» لأن اللغة هي الهوية، وأعداء «العربية» يسعون منذ القِدَم الى إلغائها، وهي أمنية لن تتحقق، مهما سعى الساعون أو تعدَّدت أساليبهم، طالما ان هناك قرآناً عربياً كريماً يُتلى في الصباح والمساء وعلى امتداد ساعات اليوم..


abed.salam1941@gmail.com