بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

27 آذار 2018 12:05ص أحلى النّاس الغائبين

حجم الخط
الساعة الثانية عشرة ظهراً من 27 آذار.. هي ذكرى أليمة في حياتي.. ذكرى لا أنسى دقائقها عندما تشردق أخي وفاضت روحه بين يديّ.. وأنا أصرخ طالبة طبيباً.. ليت مثل هذه اللحظات لا تمر على شقيقة تحب شقيقها توأم روحها.. ليتني ما عشتُ هذه اللحظة التي لا تبارح خيالي.. إنّها مؤلمة وكيف إذا كان هذا الشقيق يُعتبر رفيق الطفولة وتتكلم أمامه بكل شيء وكأنّك تتحدّث بينك وبين نفسك..
مصطفى يا حبيبي رحلتَ عنّا تاركاً متاعب الدنيا.. رحلتَ وأنتَ غير آسفٍ على شيء.. رحلتَ لتُدمي قلب أختك.. أنا لا أعترض على مشيئة الله إطلاقاً «لله ما أعطى ولله ما أخذ».. وهذا الإيمان راسخ في داخلي.. ولكن الفراق ولحظاته كانت فوق احتمالي.. فوق قدراتي.. ودائماً تطفو على ذاكرتي تلك الثواني.. أصرخ وكأنني في محطة مهجورة لا أسمع لصراخي من مغيث سوى صدى الصوت المكلوم..
أفتقدك في أيامي كثيراً.. حرمت كل الطعام الذي طالبتني به ولم أعدّه لك.. لأنّ هذا كان ممنوعاً مع الإسهال الحاد الذي أصابك.. ومع ذلك.. أردّد الرحمة اليومية ولشقيقتنا ملكة وقراءة القرآن.. ماذا أفعل لكما غير طلب الرحمة «تحت الأرض ويوم العرض».. لعلَّ الله يعوّضكما عمّا لاقيتماه في حياتكما.. مع إنّكما كنتما كراماً أبناء كرام..
ما أصعب أنْ يفقد الإنسان أخاً وأختاً حبيبين.. ما أصعب أنْ نحترق بنار الغياب اللهّاب.. وما أصعب أنْ تصبحا رحمكما الله في الذاكرة.. أتمنى أنْ أسمع صوتيكما حقيقة وليس مسجّلاً.. وأنْ أسمع قهقهاتكما.. كانت الدنيا حلوة في اجتماعاتنا العائلية.. لكنها اليوم خالية من صوتك.. خالية من صوت المتهكّمة حتى على نفسها لتُضفي البسمة على الحاضرين.. رحمكما الله يا أحلى النّاس الغائبين.. 


أخبار ذات صلة