بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

22 شباط 2018 12:44ص أرضك اليوم يباب!!

حجم الخط
شيءٌ من أعماق الروح صرخ.. فاستفقْتُ والعيون نيام.. والقلب يهوى إلى تلك الديار.. فحملَتْ الأقدام ذاك الجسد المهلهل.. ومضت به صوب أطلال عمر مضى.. وقفتُ عند تلك الحجار.. أقبّلها ذات اليمين وذات اليسار.. وأسأل عن أمس أُغمِضت عيناه إلى غير رجعة.. ورحيل استعجلته السنون.. فترك بصمة من نار تحرق أحلام الطفولة والصبا.. ليدوس واقع الرجولة على غد الكهولة.. ويقتل ذكريات مسقط الرأس ومرتع الأحلام..
مررتُ إلى حيث كان ميلادي.. وطفولتي وصباي.. مررتُ والأصفاد حالت بيني وبين تلك الجدران.. فسمعتها تناشدني إياك الرحيل.. فبادلتها بدمع يحرق مجراه.. ووجنة تعفّرت يوماً بطيب ذاك المقام.. لتتلوى من غبار الفراغ الصارخ.. هنا كانت ضحكاتك ترن.. هناك كانت دعساتك تدوي.. وهنالك كانت كلماتك تترتّل.. وهنا وهناك وهنالك..
سألتها الرفق بروحٍ اشتاقت اللقاء قبل الفراق.. فأبت الصفح عن فتى غرور رحل.. فبالرجاء ناديتها يا ذكريات العمر الماضي.. إرفقي بإبن ضال تاهت به الأيام رغم أنفه.. فهتكته الحياة على مذبح دَجَلها.. ورمت به بعيداً عن شاطئ الأمان.. في أحضان وساوسة الزمان..
وردّت الريح الصافرة ما بين الجدران المعفّرة.. إرحل فقد جفّت الدماء في أوردة الأبواب.. وانتُزِعَتْ الروح من أجساد النوافذ.. حتى صنابير المياه جفّت عن بكرة أبيها.. وما عاد بها إليك من سبيل.. وحجارة الأرض تستخبر عن خطواتك.. العابرات صوب الصمت.. فلا أناملك سترتعش يوماً لفرحة أو حزن.. ولا نغمات صوتك ستتردّد لخبر أو خبرية.. ولا حتى نسمة من عبير الزمان.. ستعبر تلك الفيافي الآفلات.. 
بل ستتغيّر ملامح المكان والزمان.. وستتبدّل الوجوه والأصوات.. وسترن ضحكات جديدات.. وكلمات أخريات.. وسيُسجّل التاريخ صوراً بأشباح جُدُد.. فامضِ في زمانك الملوّث بعَبَرات الخوف من الغد.. وازرع في أرض بور.. لأنّ أرضك اليوم يباب وضباب وعذاب..  فلممتُ دمعي والخطى تطويني.. وصرخة في الروح تدوي ونيران الشوق تكويني.. ولا مردّد لوجعي إلا الصدى!!!


أخبار ذات صلة