بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

8 كانون الأول 2017 12:39ص أميركا أكثر جهلاً مع ترامب!

حجم الخط
لا يفقه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالتأكيد، شيئاً عن التاريخ. كل ما يستطيع فعله إزاءه، من موقعه الحالي، هو محاولة بائسة لتزويره. 
فالتاريخ بالنسبة إلى الولايات المتحدة هو محض الحاضر ولا شيء أكثر. والحاضر بالنسبة إليها لا يتعلّق بالحقيقة التاريخية بقدر ما يتعلق أساساً بالمصلحة الآنية والعقلية الانتهازية للفرص المتاحة من دون أي تفكير بعواقب ارتدادية. فسهم الزمن عند الأميركيين عموماً يسير إلى الأمام متسلحا بعلم لا يأبه سوى برسم مستقبل فيه الكثير من الغرور البشري، ولا يضع في حسبانه أي احتمال لمسار دائري، أو لـ«عود على بدء». 
يفصل الأميركي بشدّة بين القوة والضعف. لا يصدّق بأنّ القوة يمكن أن تكون الوجه الآخر للضعف، وبأنّ الضعف الظاهر قد يتحوّل عند لحظة تاريخية معينة إلى قوة هائلة، قد اختزنها لوقت طويل جداً. 
الجهل بالتاريخ (وبالجغرافيا أيضاً) وإسقاطه من كلّ حساب للقوة، هو السبب الذي سيجعل الولايات المتحدة، هذه الآلة الضخمة، إذا ما استمرّت على هذه الحال، تنحرف عن مسارها الطبيعي، لتعيش أزمات متلاحقة، ليس آخرها العزلة الدولية. 
فلولا هذا الجهل الأميركي المتمادي بالتاريخ، لما أمعن هذا الرئيس الآتي من عالم المقاولات إلى عالم السياسة (غير البعيدة عن ذهنية التجارة) في استفزاز العالم أجمع، عبر توزيع الحقوق التاريخية الثابتة للشعوب المتجذّرة في أرضها على من لا يستحق، وكأنّها أصول عقارية ماديّة، آلت إليه، وراح يتصرّف بها بيعاً وشراءً حيناً وهبة حيناً آخر. 
من يتجرّأ على التاريخ، يسحقه التاريخ، ويُقزّمه حتى الاضمحلال. وترامب أمس قد ارتكب هذه الحماقة الكبرى بحق القدس وتاريخها العربي والإسلامي، وسوف يدفع ثمن ذلك حتماً، من رصيد بلاده ومكانتها في العالم. فأميركا اليوم أكثر جهلاً مع ترامب. 

أخبار ذات صلة