تترادف الكلمات على اللسان عند البعض.. وتعجز الألسن عند البعض الآخر عن ذكر ولو كلمة حق للآخرين.. وتغيب عن العقول زرع الحكمة في القول والعمل.. أما القلوب التي أسأل عنها.. أريد أن تكون طيبة.. لا تشوبها علّة من العلل.. والصدور فإنني أريدها ناصعة.. لا تعرف ومعنى الوخز المعلول.. والضمائر صفحة نقية لا تعرف إيحاءات الغدر والويل وتصيّد الآخر غفلة..
هذا الكلام ما كان ليرد لولا أنّه حصل بين مجموعة من «الرفاق الاصدقاء».. الذين كانوا عصبة واحدة لا تنكسر عراها.. لكن الزمن وظروف الحياة أسقطت منهم الواحد تلو الآخر.. حتى أصبح صغيرهم فريداً.. صعب أن ترى إنساناً كان منزله ملتقى للرفاق الأصدقاء وبعد انفراط عقدهم.. وجد نفسه وحيداً.. لكنه لم يتغيّر.. ظل يحفظ مواقع الرفاق.. ويعتبر نفسه يجالسهم.. إلى أن طرقت بابه سيّدة كانت رفيقتهم ولم تكن من عداد عديدهم.. سائلة عنه بعد أن اختفت أخباره وأخبار رفاقه عنها.. فرح بها سائلاً كيف تذكرتني وسألت عني.. نحن لم نسأل عنك كمجموعة مع إنك كنت الأقرب لنا ولو عن بعد..
السيدة الراقية بأخلاقها وعلمها.. قالت: افتقدتك جئت أبحث عن أحوالك.. ما عدت أقرأ كلمة لك في صحيفة.. وما عدت أسمع لك تعليقاً من هنا وهناك.. أحسست أنك استقلت من الحياة.. الاستقالة ليست لك وإنما تكون لمَنْ ليس لهم كامل الأخلاق.. قال: وكيف عرفت أنّني استقلت من كل مَنْ عرفتهم؟
أنا لا تعنيني استقالتك.. ولا تعنيني رفقتك لأولئك.. ألم أقل لك ذات يوم: «لست أنت منهم.. ولا هم منك» أنت صادق وهم وصوليون وهكذا كان.. يا نقي الضمير والفكر واللسان؟!