بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

24 تموز 2020 12:00ص أين الشيطان إذن؟!

حجم الخط
شرُّ البليّة ما يُضحك. هكذا قيلَ، وهكذا يجري: نضحكُ على مآسينا. وأحياناً نفتعلُ البكاءَ أو نصْطنعُ الصراخَ، لنضبطَ سوء مظْهَرنا، إذا ما  أحدٌ رآنا أو سمِعَنا. وتخيّلتُ أنّ فجيعتَنا المُضحكة والمُبكية في آن، لا تحتاج إلى أكثر من مسرحية وديعةٍ في الشكل، جارحة في المضمون. أبطالُها شيطانٌ و«ملائكة». 

فإليكم التفاصيل: أليس الشيطانُ في التفاصيل؟ لكنْ ماذا لو كان مُختبئاً بين «ملائكةٍ»، ونريدُ أن نبحثَ عنه؟ هل سنصلُ إليه؟ أو نتعرّف على وجهه؟ أو نُمسِك به على الملأ؟ ومع أنّ الشيطانَ لا يخفىَ بالمبدأ على أحد، فإنّ رحلةَ البحثِ عنهُ تُرهق المسؤولين اللبنانيين، وتصعِّب عليهم نواياهم «الطيّبة». وممّا يُعقّدُ المهمّة الجليلة أنّ هذا الشيطان الذي نفتّشُ عنه في كل مطرحٍ وزاوية، وفي أقصر المسافات المُمكنة، كالمسافة مثلاً بين الإنسان وقلبه أو بين الإنسان وسريرته، أخرسٌ، ولا صوت له ليدلّنا عليه. حتى أنفاسُه يُخفيها في اللحظة المناسبة؛ فتُخطئُ خطواتُنا التي ربما كادت أن تقتربَ منه مرّةً، هدفَها المنشود. وليس هذا بمستغربٍ من الشيطان. فهو يوقعُنا في الضلال المستديم. يضلُّنا ويَضلّ عنا. 

مع أنّه لا يستطيع أن يتلبّسَ صورةَ ملاكٍ أبداً، ويظلّ شيطاناً رجيماً. أين أنت أيّها الشيطانُ. أين أنت يا شيطاننا «العزيز»؟ لقد عرفناك، فاكشفْ عن نفسك، واعلن عن اسمك وعن أهلك وأصحابك. وأنتم أيّها «الملائكةُ» أفسحوا له الطريق. كلّ من ليس شيطاناً فليُغادر المكان بسرعة. هل من أحد هَهنا؟ هللّوووو. هل من مُجيب؟ لقد غادروا جميعاً، ولم نجدْ الشيطانَ. هل رحل معهم هو أيضاً؟ لكن هذا مستحيل. أين هو إذن؟ هللّوووو مسيو شيطان، هل تسمعُني؟ سلّم نفسَك أرجوك. المكانُ كلُّه محاصر. لا فائدة من الهرب. لكن لا أحد هنا! أين هو الشيطان؟ محالٌ أن يختفي أو أن يتبخر، فليس هو من ماء، وإنّما من نار. 

ونارهُ في كل يومٍ تحرقُنا. ربما نزل إلى الأرض الثامنة أو التاسعة أو العاشرة. علينا أن نتريّث كثيراً، وأن نمكثَ هنا طويلاً. لعلّهُ يتعب أو يجوع أو يختنق، فيخرج ليأخذَ نفساً عميقاً. لكن ماذا لو لم يظْهَر. ااااهٍ ربما يُمكننا عندئذٍ أنْ نوْقعَ به على باب الجّحيم!


أخبار ذات صلة