طابور طويل من المنتظرين.. وزحمة وقوفاً وجلوساً وحتى خارج المصرف.. هذا يستجدي ماله وذاك يتوسّل راتبه.. وتلك تأمل بالحصول على ما يسد الرمق.. والحق كل الحق على شعب انتخب بالأمس القريب طغمة فاسدة.. وقنع بتسوية سياسية أتت بـ»عهد».. أقل ما يمكن القول عنه: «ثلاث نقاط».. كي لا نُستدعى إلى «المعلومات»..
تمرُّ على المخازن والمحال التجارية الكبرى والصغرى.. فترى الناس يجمعون بما تيسّر لهم من مأكل.. خوفاً من الجوع ونقص المواد الغذائية.. عربات ممتلئة وسلال ضاقت بما حملت.. والكل مذعور من ليل حالك تتحوّل فيها الأسعار إلى لهيب.. يحرق الأخضر واليابس أكثر مما هي عليه اليوم..
حالة من الجنون نعيشها.. والحق كل الحق علينا وعلى مَنْ اخترناهم للحكم.. فأوصلونا إلى ما نحن عليه اليوم.. حتى أصبحتَ ترى الناس يسيرون في الشارع يحادثون أنفسهم.. والبنوك على مستوى وقاحتها العالي.. تلوّح بغرامات على مَنْ يتأخّرون في سداد دفعات القروض وما شابه.. وحين تطلب منهم المال يتحجّجون بالـ System ومحدودية القدرة على الدفع..
أما الليل البيروتي فحدّث ولا حرج.. وعشيّة انطلاق «أسبوع الغضب».. ليلنا لم يعد آمناً أو حتى متيسّراً للعبور.. فالخوف هو أيضاً تسلّل إلى الطرقات وأَسَرَ الجوارح.. وكل ليلة تُختتم بموقوفين من الثوّار وليس من المخرّبين.. وتنطلق اعتصامات المطالبة بالإفراج عن الموقوفين..
وعشيّة انتهاء الساعات الـ48 التي منحها الثوّار.. للرئيس المكلف حسان دياب للخروج بحكومة مستقلين.. تسعى إلى رفع البلد من أتون آلامه.. لا يسعنا إلا قول «احتسبنا البلد عند الله وحده دون سواه»..