بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

17 أيلول 2019 12:00ص اربطوا الحجارة على البطون؟!!

حجم الخط
أذهلتني صورة لطفلة لا يزيد عمرها عن السنة والشهر أو الشهرين حسب تقديري.. الصورة جديرة بأنْ تُعلّق في غُرَف الأطفال.. وفي غُرَف نوم مُستلبي المال العام من الذين انتفخت أوداجهم وبطونهم وحساباتهم المصرفية في الخارج.. وكذلك أصحاب المؤسّسات والمصالح الذين يأكلون حقوق موظّفيهم وعمّالهم حسب الموضة..

الصورة المُذهِلة للطفلة في مكان عشوائي أو في مُخيّم لجوء.. جالسة على الأرض وأمامها وعاء من الألمنيوم.. يبدو أنّ فيه بطاطا مسلوقة.. وُضِعَ أمام هذه الطفلة.. ورغم أنّ وجهها مُتّسخ ويديها.. ومجروحة الأنف.. إلا أنّها حادّة البصر وكريمة.. اقترب منها المُصوّر ليصوّر معاناتها فظنّت أنّه بحاجة للطعام فمدّت يدها إليه بالأكل.. فعلّق المُصوِّر على الصورة قائلاً: «ما أجمل الفقراء وما أقبح الفقر»..

الصورة أخذتني إلى مطرح بعيد عن تعبير المُصوِّر.. حيث تغنّى بالفقراء لأنّهم كرماء النفس.. وهذه الطفلة غريزياً قدّمت للمُصوِّر الطعام ظنّاً منها أنّه جائع.. لأنّها عرفت الجوع وتتغذّى بالبطاطا وليس بالخضار المطحونة والموز المهروس مع البسكوت والحليب.. نعم تتغذّى على البطاطا.. نعم ما أجمل هذه الفقيرة الصغيرة للغذاء المناسب.. وما أجمل طبع الفقراء.. قد يتقاسمون مع الآخر طعامهم.. أو يُقدِّمون له كل طعامهم حتى ولو كانوا جياعاً..

أما الجوعى إلى تكديس المال في وطني لبنان.. فقد فقدوا الإحساس بالإنسانية.. وفقدوا الإحساس بالبطون الفارغة، التي عجزت عن شراء حتى البطاطا، لتقتات بها مسلوقة دون إضافات.. بينما هم يقتاتون بكل ما لذَّ وطاب دون حساب.. لماذا يحصل هذا؟ ولماذا لم يثر هذا الشعب ويحرق الأخضر واليابس في وجه هذا النظام؟

الإجابة بسيطة.. لأنّ الفقراء من الشعب يتبعون زعماء ومذاهب متعدّدة.. وإذا ثاروا يعني أنّهم ضد هؤلاء الزعماء.. وديّة الثورة باهظة الثمن بقتل الأولاد أو قتل رب العائلة الثائر..

نعم ما «أقبح الفقر»، الذي سيترك هذا الشعب يربط الحجارة على البطون؟!!



أخبار ذات صلة