قال السائق للشاب الجالس أمامه: جلت نصف العالم في فترة الثمانيات فلم اجد افضل من لبنان للعيش فيه، تعجب الشاب من كلامه فهو لم يجد في لبنان بالاصل مقومات البلد: كيف لم تجد افضل من لبنان؟ هل تسخر مني؟ رد السائق بعصبية: قلت في الثمانينات يعني في العام 82 ورغم الاجتياح الاسرائيلي هذا العام الا اننا كنا نعيش في بحبوحة، فلم تكن هناك سمسرات بالشكل المفضوح حالياً ولم تكن هناك محاصصة طائفية حتى في ابسط الوظائف، ولم تكن متطلبات الحياة كما اليوم، وكنا نجد فرصة العمل بكل سهولة، فلم اجد في تلك الدول شيئاً افضل من لبنان.
فسأله الشاب: والآن لو سنحت لك الفرصة هل تسافر وتترك لبنان؟ رد بدون تردد: هذا مؤكد، حتى اني نادم لأني تركت تلك البلاد، لأن لبنان اصبح غير لبنان الذي كان في تلك الفترة، اصبح ثلاثة أرباع الشعب اللبناني تحت خط الفقر والربع المتبقي اما من الاغنياء والمسؤولين الناهبين لثروات الدولة او من يدور في فلكهم او المحازبين الكبار، لأن الصغار لا يأكلون سوى فتات ما يرميه الكبار.
فسرد الشاب قصته التي تشبه قصص معظم شباب لبنان، فقد تخرج العام الماضي في ادارة الاعمال فلم يعثر حتى اليوم على فرصة عمل، وان تقدم لاي اختبار في وظائف الدولة فان الحظ لم ولن يحالفه لأنه غيرمحسوب على اي تنظيم ليشمله «عطف» المحاصصة بين الكبار، والمفارقة انه تقدم للهجرة الى عدة دول لكنه لم يحصل على اجابة، فالافق بالنسبة له مسدود فكيف بمن تخطى الخمسين عاماً ؟.