٦ وزيرات في الحكومة الجديدة. العددُ يرتفع. والكوتا التي عجزنا عن إقرارها أصبحت واقعاً ولو ضمنياً. صارت واجبةً المُزايدة. «غينس» نسائي خاص بالعالم العربي، لبنان السبّاق فيه. ٦ رقمٌ برّاق للتسويق الدولي. غداً التنازل عنه سيُصبح تخلّفاً. هنيئاً للوزيرات. لا نغمط أحداً حقّه، رجلا كان أو إمرأة. لكنّ شيئاً يضغط على هذا الفرح بالمساواة. شيء من الذكورية الفاقعة التي لا تني تُزايد وتترسّب. فليست المرأة عنواناً على فضائل ذكورية. ولا السياسة مضمار لتوزيع جوائز الترضية. النضال الذي لا جنس له هو وحده رأس الأمر. سياسة «الباراشوت» لا تنفع.
جربناها وفشلنا. وقبّعات الساحر (وأرانبه) لم تقدّم لنا غير القليل من الإثارة. مشكلتنا ليست في جنس الحكومة بل في أعضاء أخرى في الجسد، تعمل بشكل معكوس. مشكلتنا أن العمل الوطني الحقيقي بات وجهات نظر متضاربة، وأن الشأن العام تحوّل إلى مرتع للمحسوبيات الخاصة. كان ينقصنا صرخة مدوّية بتاء التأنيث أو من دونها، لنقول كفى خداعاً: المُفسد لا يُصلِح. ربما نجحنا في هزّ العروش، لكن الارتدادات أصابتنا أيضاً. من جهتهم رسموا لنا خطاً أحمرَ: المُصلح لا يحكم أبداً.
ذهبنا إلى التكنوقراط. فالثورات، وإن كانت شريفة في مطالبها، الا أنها ليست محميّة من الغباء. عماءٌ بكامل الإرادة غيّب المناضلين في الساحات. شبانٌ وشابات ضربوا، رجالٌ ونساء اقتيدوا الى التحقيق. وفي نهاية القيامة آل الاحتكام إلى المكاتب الاستشارية الفخمة وإدارات الدولة الطائفية المرفّهة وقاعات المحاضرات الجامعية المستكينة. اللواتي قرعنَ على الطناجر باسم أنثوية جديدة مُكتشفة في وسط ظلام السلطة «الأبوية»، انسحبنَ على خط العَيْن الذكورية المراقبة والمُلتصقة على جدار الواقع المؤبّد. نريد مناضلة. التاء المربوطة هنا محلّها. الاصطدام بنهج الطبقة الفاسدة، تثوير الجامعة لتحرير العقل والمعلومة، هما بطاقتا العبور، لا نساء الجمعيات المرتبطة بالأمم المتحدة أو بصندوق النقد الدولي أو بالمؤسسات الدولية التي جرّبنا طويلاً وصفاتها القاتلة.