بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

9 آذار 2018 12:39ص المُعلّم في عيده

حجم الخط
كُتب الكثير عن المعلّم: شعراً ونثراً. مدحه المادحون حباً وتقديراً لرسالته العظيمة في بناء الأجيال وتنميتها فكراً وروحاً. كان لتكريمه عيدٌ يحتفل فيه الجميع حول العالم، يبادلونه مشاعر الوفاء والامتنان، ويقدّمون له التحيّة الخالصة على مجهوداته الطيّبة في محو الظلام من العقول وإزالة كل خبيث من النفوس. فالمعلّم يُعطي أكثر ممّا يأخذ، يزرع الخير في التربة الشابّة من دون أن ينتظر مقابلاً يومَ الحصاد. عطاء لا محدود، نعمةٌ ربّانية لا تنقطع أبداً، وصبرٌ طويل على مصائب المجتمع وأمراضه. 
حارَ الشعراء في وصف المعلّم بما يليق بمكانته المرموقة. شوقي قال عنه: كاد أن يكون رسولا! نِعْمَ الوصف، لمن ارتضى أن يُسخّر نفسه لخدمة المجتمع، بأجلّ صورها وأنبل مراتبها؛ لمن جعل من كيانه شمعةً مضيئة للآخرين، تُبدّد كل عتمة في حياتنا، وتنير دروب المستقبل أمامنا. 
بالنسبة لي، أحسّها ببساطة شديدة: المعلّم هو ذاك الإنسان الذي إذا صادفناه في حياتنا اليومية؛ في الشارع أو الحيّ، داخل مؤسسة أو في دكان، فإنّنا نُسرع إليه أو نعترض طريقه لنقول له: أنت أستاذي! شعور فطري بالحب يداهمنا دون سابق تخطيط منّا. نجدُ أنفسنا مندفعين، مأخوذين بوفاء حقيقي لا لبس فيه يعمُر قلوبنا في تلك اللحظة. ففي تكريم أستاذنا بالقول والعمل (حين نعرُضُ عليه المساعدة مهما كانت، بكل صدق واخلاص) استعادة لأرواحنا الصغيرة التي فاتتنا منذ أن غادرنا مقاعد المدرسة. 
فالمعلّم جزء من طفولتنا الجميلة، بحلوها ومرّها؛ بأحاديثها البريئة أحياناً، والجريئة أحياناً أخرى؛ بمشاكلها السطحية وحلولها التقريبية؛ بفرصها الضائعة وبدروسها الفاصلة. لا أحد نُعامله هذه المعاملة غير المعلّم، ولا أحد نرضى أن نقرّ له في كل يوم وعند كل مناسبة، بأستاذيته علينا غير المعلّم!

أخبار ذات صلة