بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

4 أيلول 2018 12:05ص المظلومة نطقت؟!

حجم الخط
المظلومة نطقت بعد صمت طويل.. نطقت ولفظت درراً.. لم أصدق انها هي التي تتكلم.. لأنني اعرفها دائماً لازمة للصمت، وإذا تكلمت قالت: «حسبي الله ونعم الوكيل».. ولذلك لقبت بالمظلومة.. هذا ما كنا نعرفه..
بالصدفة وأنا أهمّ بالخروج من مركز العيادات في الجامعة الأميركية.. وجدتها أمامي لم تتغير ملامحها.. سوى علامات السنين التي حطت عليها.. ابتسمت لها.. حيّتني على غير عادتها.. فرحت وقلت لها: الحمد لله نطقت.. هل عرفتني؟ قالت نعم ولن أنساك ما حييت.. ساعدتني وحميتني وحميت غيري في الحي خلال الحرب الأهلية، لكن أحدا لم يحميك.. قلت: نعم حسبي الله ونعم الوكيل.. سألتها هل تريدين المساعدة؟ قالت نعم أريد أن أجالسك لخمس دقائق حتى استطيع متابعة الحياة..
قلت لها لنمشِ ونتحدث قليلاً.. بادرتني بسؤال: لماذا لا تنتقمي مِمَن غدروا بك؟ ضحكت حتى سمع المارة صوت ضحكتي قائلة: ذات يوم سألوا حكيماً: لماذا لا تنتقم من الذين يسيئون إليك؟ ردّ ضاحكاً: إذا رفسك حمار فهل ترفسه؟!.. لذلك أرى ان علينا عدم الحزن على شخص تغيّرت تصرفاته تجاهنا فجأة.. ففي نظري يكون قد اعتزل التمثيل..
وأنت ماذا حصل لك يا مظلومة؟.. قطبت جبينها ثم ضحكت قائلة: اشقائي بعد وفاة والديّ، قالوا ان نصيبي من الميراث صُرف على تعليمي في الجامعة الأميركية.. لم يتركوا لي شيئاً، وتركوني في بيتنا القديم.. لا يزورونني ولا يسألون عني.. وكنت كلما نضب المال في يدي.. أبحث في كتب مكتبة والدي.. ودائما أجد بين الصفحات مالاً من فئة العشرة جنيهات استرلينية أو المئة دولار.. ولذلك داومت على قول: «حسبي الله ونعم الوكيل».. فعلاً كان الله وكيلي ولم احتج إلى أحد سوى عندما فقد الغذاء والماء.. لكنك كنت شهمة معي.. سألتني فقط لماذا يسمونك مظلومة لم ارد سوى بالشكر.. وأنت داومت على إرسال ما يلزم.. أما اسمي فهو على اسم جدتي رحمها الله.. كان اسمها مظلومة.. قلت الحمد لله وماذا فعلت بإخوتك.. قالت ان الله يمهل ولا يهمل جميعهم يحتاجونني، وأنا لا احتاج إلا إلى الله جل جلاله.. ونعم بالله.


أخبار ذات صلة