حكايا الناس

و»سلام عليَّ يوم وُلدتُ.. ويوم أموتُ.. ويوم أُبعث حيّا».. فهو عام مضى على تلك «الجلطة الدماغية».. وما أصعبها من أيام انقضت.. لم تكن مليئة بالآلام بقدر ما كانت عامرة بالخوف والهلع والترقّب.. وسؤال وحيد أوحد كان سيد الموقف: ماذا لو؟!

عام مضى يا أبي.. وكم كانت قريبة خطواتي لمجاورتك.. كم كنتُ على أهبّة الاستعداد للقياك.. وتقبيل يديك الطاهرتين.. بل ألثم موطئ نعليك علّي أنول رضاك.. وأنا كلّي ثقة بأنّك في جوار الطاهرين والفاضلين.. ممن اختراهم رب العالمين..

اشتقتُ إليكَ والشوق يزداد ولا ينقص.. وكأنّ ما يقولونه بأنّ «الموت أكبر المصائب».. ولكن الوقت كفيل بالتعوّد عليه.. بل والله الذي لا إله إلا هو.. لم أعتد على فراقك.. بل أظنّني إمّا أحلم بأنّك عنّي بعيد في بلد ما.. أو إنّه مجرّد كابوس لعين.. سرعان ما يشقّه نور الفجر.. وأفتح عيني للقياك.. فتضمّني تحت جناحيك وأنا الأربعيني.. لأعود ذاك الطفل الذي منعته الذكورية  العمياء.. من أنْ يقول لك صبح مساء: أحبك يا بابا..

خمس سنوات مرّت على رحليك.. وأنا خلالها أصبحتُ أباً لمرّتين.. وها هما ابنتي وخصوصاً الكبرى منهما.. تسألني عن صورتك: من هذا يا بابا؟!.. وما أجملها من كلمة «بابا».. فأخبرها بأنّك أطيب إنسان وأحن قلب.. وأعظم مخلوقات الألف الثالث على وجه الأرض.. لكن الرب في عليائه اختارك إلى جواره.. وهو دوماً يختار أحباءه على عجل.. وكل عام وقبرك نور ومرقك في الفردوس الأعلى ريح وريحان يا بابا..