بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

5 كانون الأول 2019 12:01ص بريئة في دنيا السفه!

حجم الخط
بعيداً عن واقع بلدنا المأزوم على إيقاع الثورة الشعبية.. التي اندلعت شرارتها في 17 تشرين الأول الماضي.. وفي ظل الأيام السوداء التي يزيد ساستنا من حُلكة نهاراتها.. نتيجة لاستعار سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية.. والارتفاع المجنون للأسعار وخصوصاً المواد الاستهلاكية.. التي بدورها نفدت من المحال نتيجة توقّف الاستيراد.. وعليها نقيس الشُح في الأدوية والمستلزمات الطبية.. وتبقى قضية المحروقات «نيراناً تكوي الشعب الملدوع»..

اصطحبتُها من صفّها المدرسي كعادتي اليومية.. مُمنياً النفس بأنّها ستستقبلني بابتسامتها المعهودة.. وبوجهها الصبوح الذي لا يغيب عنه نور الطفولة.. وإذ بها تستقبلني مُكفهرّة الوجه ومُقطّبة الجبين.. تعلو وجهها «تكشيرة» أرهبتني ممّا آل إليه حالها.. فسارعتُ لسؤالها عمّا بها وممّا تشكو.. وهل أزعجها «مالك الصغير – زميلها في الصف»..

إلا أنّ الدموع لم تدعني أُكمِل كلامي.. وتراكضت خارج مقلتيها.. مُندّدة بالحال الذي تعيشه في المدرسة بغياب Miss Nadine.. وقالت: «أنا كتير اثتقت لـMiss Nadine وكتير بحبّا.. Miss Rania كتير Good وبحبّا.. بث أنا بدي ثوف Miss Nadine».. فإلى صدري ضممتها وكفكفتُ دمعها.. محاولاً إخراجها من المزاج السيئ الذي يعتريها.. فكان الثمن هدية أثلجت قلبها..

وفي صبيحة اليوم التالي.. تكرّر المشهد رافضة الدخول إلى المدرسة.. لأنّMiss Nadine غير موجودة.. ليعود ويتكرّر عند الظهيرة.. فسارعت والدتها إلى الاتصال بـMiss Nadine.. مُعربة لها عن لواعج الطفلة واشتياقها إليها.. فانتزعت الصغيرة الهاتف وقالت: « Miss Nadine أنا بحبك كتير.. إنتِ هلاء مريضة لما تصيري Good تعي لعنّا على الـSchool ناطرينيك».. 

ما أجمل البراءة في دنيا السفه.. ما أغلى الطفولة في عالم السفهاء.. وما أرخص السياسة وأهلها في بحور الشعوب.. التي أدركت دربها إلى الفيضان في «موطني».. على أمل الوصول إلى بر الأمان..


أخبار ذات صلة