لم تقتصر حماوة الحملات الإنتخابية عشية الاقتراع الكبير على البشر والحجر فحسب، بل طالت أيضا الحيوانات! ففي مشهد سريالي من جهة، ومدان من جهة أخرى، عمد بعض أنصار المرشحين المتحمسين إلى صبغ بعض الحيوانات الأليفة بألوان الأحزاب التي ينتمون إليها. وقد لاقت هذه الخطوة استياءً كبيرا من قبل المواطنين ومن جمعيات الرفق بالحيوان التي رأت في ذلك انتهاكا صارخاً لحقوق الحيوان، داعية السلطات اللبنانية إلى التحرك فورا ضد هذه المظاهر اللاإنسانية.
وفي الواقع، لا يصعب أبدا فهم الدوافع النفسية التي تقود مثل هؤلاء الناس وغيرهم إلى تجاوز الخطوط الحمراء في التعبير عن انتماءاتهم الحزبية والطائفية في بلد يغلي بالعصبيات على أنواعها، ويعمل على تكريسها ليل نهار على كافة المستويات خصوصا السياسي منها. ومن المؤسف القول أن التعاطي مع الحيوانات قد يُنظر إليه أحيانا كظاهرة اجتماعية ونفسية عامة منتشرة بقوة، وتشكل امتدادا طبيعيا لتعاملنا مع الإنسان نفسه.
فإذا كانت حقوق الإنسان في بلدنا مهدورة، وكرامته لا حساب لها عند المسؤولين، وحياته عرضة للخطر، ومستقبله في مهب الريح، أضف إلى ذلك كله، أن يكون صوته سلعة في بازار سياسي كبير لا تحترم فيه لا حرية المواطن ولا عقله ولا إرادته، فكيف يمكن الحديث عن حقوق للحيوان؟ وكيف يفهم أمثال من يقومون بهذه الأفعال المشينة بأن ما يقومون به إهانة بالمقام الأول لإنسانيتهم ولكرامتهم؟!
ثمّة من كان يُشبّه الشعب اللبناني بمجموعات من «القطيع» التي يقودها زعماؤها إلى حظائرها الطائفية. وفي هذا التوصيف ظلم كبير، كونه يخرج عن القراءة الموضوعية لمسار الشعوب وتطورها. إلا أن البعض يصر على إبراز هذه الصورة غير اللائقة باللبنانيين وآخرها تلوين الحيوانات بألوان مآسينا.