بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

10 أيار 2024 12:00ص توقيع لاإنسانيّ!

حجم الخط
"الذكاء الاصطناعي" يجتاح الإنسانية. عبارة تُغني عن شرح كثير. فأينما حللنا ثمة وجوه لهذا الذكاء المصطنع تدخل حياتنا في أدق تفاصيلها حتى صرنا لا ننفك عنه في شيء، في الوقت الذي يسعى فيه هو بأن يصير بغنىً عنا. فماذا لو حصل ذلك؟ ما مصير الإنسان حينئذ؟ لا أحد يملك القدرة على إيقاف التسارع الرهيب في عملية تطور هذا الذكاء البديل. فالشركات العملاقة العابرة للقارّات هي التي تحكم الدول وتُحدد لها سياساتها الكبرى. هذا معروف منذ زمن بعيد، لكننا نرى اليوم تداعياته العظيمة ونلمس مخاطرها غير المحسوبة بعد. فالتكنولوجيا تمضي أسرع من كل شيء يُمكنه أن يلحق بها. وعليه فإن المستقبل الذي نتصوّر أنه لم يأت بعد، قد تحقّق وانتهى. تشهد عليه رسومات وخرائط المختبرات الدقيقة ونماذج المصانع السرّية وغير السرّية التي  طوت صفحة القرن الحالي وذيّلتها بتوقيع لاإنسانيّ! 
دخلنا جميعا عصر تحكّم الآلة بالإنسان. أي قلب العلاقة السابقة حين كانت الآلة في خدمتنا. سيبزغ الفجر الذي تقودنا فيه السيارة بدل أن نقودها، وتختارنا فيه الملابس وفق مواصفاتنا الجسدية بدل أن نختارها بأنفسنا وفق رغباتنا الخاصة. كما أن كل ما يدخل في إطار العلاقات الإنسانية سيخضع لخوارزميات رياضية شديدة التعقيد والذكاء. ستكون مهمتنا في المرحلة الأولى تلقّي المقترحات فقط أو الاختيار بين بدائل محددة. لا وقت للمشاعر في البحث عن حب مُلهم أو عن زوجة مناسبة. الذكاء الاصطناعي عبر مواقع التعارف المخصّصة سيقوم بهذه المهمة بدم بارد! ولا أدري إن كان أحدنا سوف يملك الجرأة، بعد الآن، في مخالفة النصائح الإلكترونية على مسؤوليته البشريّة؟!
المخاطر التي أشير إلى بعض عناوينها هنا باتت مدار بحث متواصل على أعلى المستويات الدولية. ومع ذلك، لا أدعو من خلال كلامي إلى الخوف من التجربة أو التهويل على الناس بالآلة. فحين أتأمل في الذات الإنسانية نفسها، بما لها وما عليها، وبأحوالها وأطوارها، ينتابني رعب مقارن!
أخبار ذات صلة