بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

25 حزيران 2019 12:00ص جئتُ إلى لبنان من أجلِك!؟

حجم الخط
عندما يخلو الإنسان بنفسه.. رغم كل المآسي التي يعيشها.. يسعفه عقله بالهروب من الواقع المعاش اقتصادياً واجتماعياً.. إلى عالم الميثالوجيا العميق الذي يحمل له صوراً من سنوات مرّت في حياته.. بعضها جميل إلى درجة الذهول.. وبعضها مقيت إلى درجة استلاب الروح.. لكن الإنسان بعد مروره بهذا الشريط ينبّهه العقل إلى أنّ هذا مضى وانطوى.. لكنه يتنبّه إلى العظة مما هو عليه الآن..

تذكّرتُ حكاية شابّة مكافحة.. عصاميّة.. خاضت غمار عملها المهني بنجاح محلياً وإقليمياً.. وكانت كالفراشة الحاضرة الغائبة في كل مواعيدها مع الحياة.. لأنها إنسانة محترمة.. وقفت إلى جانب عائلتها.. علّمت إخوتها.. صرفت عليهم بدون حساب... مؤثرة إخوتها على حياتها.. والحال عينه كانت تقف مع كل محتاج تعرفه.. تمد له يد المساعدة.. حتى أولئك الذين يطلبون التداين منها.. كانت تغيثهم وتقف إلى جانبهم.. واضعة نصب عينيها أنّ ما يؤخذ لا يرد.. وكانت تردّد دائماً: «كل ما يُلقى في بحر الحياة يردّه الرحمان لك في آخرتك»..

هذه السيدة أعطت دون أن تحتسب أيام غدرات الزمان.. لكن زمانها غدر بها في شيخوختها.. حتى عجزت عن امتلاك ولو ألف ليرة.. بعض الرفاق ممَّن عرفوها.. كانوا يساعدونها على شكل هدية زيارة.. أما هي فقد كانت تنام على الطوى دون كسرة خبز.. أو طارق يمدّها بما يوقف جوعها..

في ليلة شتوية معتمة.. طُرِقَ بابها.. قامت بتثاقل وسألت مَنْ الطارق؟ قال لها: أنا وليد يا أمي.. أعادت السؤال فقال: افتحي الباب إنني أبحث عنك.. فتحت بابها لتجد شاباً أنيقاً حاملاً أحمالاً كبيرة أمام الباب.. ذكّرها بنفسه لم تتذكّره.. قال: حكّي ذاكرتك ألم أعاهدك أنني سأرد لك جميلك بدفع آخر قسط مدرسي لي؟ تذكرت.. فدعته للدخول.. قال: ما جئتُ إلى لبنان إلا من أجلِك!؟


أخبار ذات صلة
أزمة وجود
20 نيسان 2024 أزمة وجود