بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

11 نيسان 2019 12:05ص حكايا الكبار!!

حجم الخط
عشيّة الذكرى الـ44 لاندلاع شرارة الحرب الأهلية.. في 13 نيسان 1975 مع «بوسطة عين الرمانة».. شاءت الصدف أنْ يمر «صاحبنا» في أحد شوارع محلة عين الرمانة.. الذي اندلعت فيه مواجهات الحرب المشؤومة وما جرّته من ويلات على بلدنا..
فرمت زحمة السير على مسمعه أطراف حوار بين طاعنين في السن.. «أغلب الظن تختلف ديانتيهما».. لأنّ سياق الكلام أشار إلى ملامح طوائفية.. فراح الأوّل يستذكر للآخر فلاناً الذي اختفى.. وعلاناً الذي لم يبق من جثته إلا نتفاً.. وغيرهما الذي عاد بعد سنوات معتوهاً.. نتيجة للتعذيب الذي تعرض له.. ووحده الله يدري مَنْ عذّبه.. فرد عليه الآخر «الفلسطينيون هم السبب.. ومن بعدهم السوريون».. وراح يكيل يزبد ويرعد..
فردَّ الأوّل بأنّ الكل شاركوا في اغتصاب بلدنا.. حتى أبناءه شاركوا في الاعتداء عليه.. واليوم الماضي يعيد نفسه.. ونحن نسلّم أمرنا للعربان والأمريكان والإيرانيين والأوروبيين والروس.. 
فقاطعهما شاب (عشريني الطلعة) قائلا: خلصنا أبصر أديه صرلها هالحرب.. و«بعدكم عم تحكوني بالليستيرين».. إنسوا بقى اللي مات مات واللي انخطف انخطف.. مين ما كان السبب وشو ما كانت النتايج انتهينا.. 
فردَّ عليه أحدهما: إنتَ يا عمو ما بتعرف شي.. لليوم في ناس بعدها عايشة على أمل رجعة الغيّاب.. وناس بعدها عايشة جرح التيتّم.. وحتى الجيل اللي ربّاك كان ذنبو إنو خلق بهالحرب.. وخلّف متلك «مساطيل» بدّون ينسوا مبارح.. بلا ما يفكّروا ببكرا.. بس يعيشوا كل يوم بيوم..
وأطلقت إشارة السير العنان للونها الأخضر.. ومضى «صاحبنا» في سيارته شارداً في ما قاله الثلاثة.. وآسفاً لعدم تمكّنه من سماع باقي الحوار.. ومردّداً في سرّه: أيُعقل أنّنا ما زلنا إلى اليوم وبعد 44 عاماً.. نعيش وهم حرب الآخرين على أرضنا؟!.. أيعقل صراع الأجيال بين مَنْ شاركوا في الحرب ومَنْ كانوا ضحيتها؟!.. ومَنْ يريدون نيسانها ومَنْ لا يفقهون عنها شيئاً.. سوى «حكايا الكبار»..

أخبار ذات صلة