بالرغم من اتشاح بيروت بالسواد، وبالرغم من الانفجار العاصف الذي أودى بحياة الكثيرين، ومرارة كورونا التي تزداد حدتها وسوء الأحوال الاقتصادية، تُطل علينا رسائل وفاء وأمل محبة من ساحات بيروت الصامدة.
ولكن هل كان من الضروري أن تُدمر مدينتنا حتى نكتشف أنفسنا وقدراتنا ومدى إنسانيتنا.
يُخطئ من يتصوّر بأن الانفجار شل القدرات، فالمرفأ وبأقل من أسبوع عاد يستثمر 75٪ من طاقته، هو الذي دُمر بانفجار يقال بأنه الثاني بعد انفجار هيروشيما!
شبابك وبحارتك يا مرفأ اتحدوا أمام الغضب والدمار، وبالتعاون مع معظم الطيبين المقيمين على أرضك، ومن الدقائق الأولى للانفجار غزو الساحات كخلية نحل، وبقدم هدّارة وهمّة قوية، وبكل الطاقات الضعيفة والقادرة راحوا يرسمون مشروع قوة للمستقبل، سلاحهم مكانس ومعاول، ونبضات قلب خفاقة بحب الوطن والانسانية، والشعور بالمسؤولية، عينهم على إغاثة المنكوب، يعملون تطوعاً على عدّة جبهات بعيداً عن الزعيم والوزير والقائد، يحاولون إنقاذ ما يمكن انقاذه دون التفكير بالمحاصصة والطائفية، تلاحقهم دعوات العائلات المنكوبة وصلواتها.
وفريق راح يقف في مواجهة الرصاص المطاطي، يطالب باستعادة الأموال المنهوبة والوطن المخطوف المرتهن لمصالح الآخرين على أرضه.
بينما على مقلب آخر كان هناك من يحرق صور الزعماء ترويجاً لفتنة لا تنقصنا.
لزعماء الطوائف ومروجي الفتن نقول: حلّوا عنا والهمّة قوية، وإرادتنا أقوى في استعادة بيروت الحبيبة مدينة للحياة.
طوبى لبيروت، وتحية من القلب لأغنى بلد في العالم لا بنفطه المحتمل، بل بإنسانه الذي يحاول رغم الجراح النازفة إحداث تغيير إيجابي نحو المستقبل.