بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

4 آذار 2021 12:00ص خلّيها لربّك!

حجم الخط
صدّق أو لا تُصدّق.. ودونما أي انتقاص أو تنمّر أو استخفاف بالعمالة المنزلية.. إلا أنّ العاملة السمراء في مُطلق منزل لبناني.. أصبحت قيمة راتبها في ختام الشهر تتجاوز راتب العسكري اللبناني لأي سلك انتمى..  

وعلى هذا المنوال.. وبمحض الصدفة التقيتُ به في أحد شوارع العاصمة المزدحمة.. مُتنحياً في أحد المواقع وسارحاً في ملكوت الله.. منه اقترب وعليه ألقيت التحية.. إذ بي أرى العينين قد احمرّتا والدمع يترقرق.. و»صريخ» الوجع يئن في صدره.. فسألته: «خير ان شاء الله شو بيك؟!».. 

ردَّ التحية لكن سيطر الصمت على شفتيه.. ولم يتمكّن من قول سوى: «خليها بالقلب تجرح ولا تطلع لبرّا وتفضح».. عندها كان إلحاحي  كسيول «كوانين المطرية».. حتى تمكنتُ ختاماً من انتزاع أي جواب منه.. ولو بالإيماء دون التصريح.. وهو رتيب في سلك عسكري محسوبة عليه الكلمة.. وقال: «كما ترى الدولار صار بـ10 آلاف.. والأحوال ما بتسر لا عدو ولا حبيب.. والعيلة والولاد ومتطلباتنا اليومية.. صرنا تحت الأرض وخلّيها لربّك».

وبعد أخذ ورد وحوار عقيم عن البلد والحال العامة.. وأوضاع السواد الأعظم من الشعب.. ممَّنْ هووا تحت خط الفقر.. أو مَنْ فقدوا أبواب أرزاقهم.. أو مَنْ لا يزالون يعملون ولكن بنصف راتب.. أو حتى براتب كامل حدّه الأدنى أدنى مع معظم الأجور والرواتب حول العالم.. سألته عن وِجهته.. فقال: «ولا محل.. ما عندي خدمة.. فهربت من البيت ومن الطلبات والعين البصيرة والإيد القصيرة».. فعرضتُ عليه التوجّه معاً صوب البحر.. نُلقي على كتفيه همومنا ومواجعنا.. ونصرخ في ظل الفراغ الذي فرضته «كورونا» فلا يسمعنا أحد..

ابتسم وقال: «يسعد قلبك والله ضحكتني».. ليصله الخبر العاجل بأنّ الطُرُقات بدأت تُقطع.. والشعب استرجع بعضاً من صورة 17 تشرين الأول 2019.. مُستنفراً ضد جوعه وفقره وعتمة نهاره قبل ليله.. فقال: «روح على بيتك قبل ما يقطعوا الطريق.. أو نزال شارك معهم.. لو منّي عسكري كنت بأوّل الصف معكم»..


أخبار ذات صلة