بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

5 نيسان 2019 12:13ص خلفَ سراب الزعامات

حجم الخط
حين أفكّر في الطبقة السياسية في لبنان، وأستعرض في مخيّلتي الأسماء القديمة والجديدة فيها، أجدني «متعاطفاً» معها إلى حدّ ما، على الرغم من الحَنَق الكبير الذي أحمله في داخلي، كأي لبناني آخر، تجاه أدائها الكارثي على كافة الصعد. فلا يخامرني أدنى شك بمسؤولية هذه الطبقة عمّا آلت إليه الأمور من فسادٍ ظاهر وباطن، في البرّ والبحر والجو. والتعاطف الذي أقصده ههنا ليس إلاّ التفهُّم النفسي لسلوك الآخرين، حين لا يكون هناك مناص من ذلك. طبقةٌ صهرتها الحرب الأهلية، وتشكّلت بها، وعياً ووجداناً. وقد وجدت فرصتها السانحة في الساحة على أنقاض الوطن والدولة. لم يسبق لأحد منها أن كان رجل دولة أو رجل مؤسسات حقيقية. ولا علمَ لأحد منها بإدارة الدول والحكومات والاقتصادات الوطنية. فاقدُ الشيء لا يعطيه أبداً. جلّ ما تعرفه هذه الطبقة استناداً إلى تاريخها الطويل، هو التسلّط على مقدّرات الدولة وأملاكها. وكم الفارقُ شاسع بين السلطة والتسلّط! 
فكيف لمن لا يعرف ولا يريد أن يعرف، أن يُنتظر منه غيرُ الجهل المؤبّد. فمهما تراكب الجهل فوق بعضه طبقات، أو مهما اجتمع أهله على أمرٍ ما، فإنّ الجهل لن ينقلب علماً، وإن الأمر لن يصبح واقعاً. فكيف إذا كان الجاهل لا يواجه بجهله أبداً، بل ترتفع له الأيدي بالتصفيق، وتمتد له الأعناق بالدعوات؟ ما الذي سيقف حائلاً بينه وبين الاستمرار في ما طابت نفسُه عليه، وما بات يعتقده حقاً مقدّساً له ولأبنائه من بعده؟ 
ولكن ماذا عن الناس الذين لا يزالون يركضون كالمجانين خلفَ سراب الزعامات؟ أخشى أن تنطبق علينا الآية الكريمة: «ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ» (سورة الحجر آية ٣).

أخبار ذات صلة