بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

19 أيلول 2017 12:00ص سألقاك في مهجرك؟!

حجم الخط
أضحكني صديق من بلد عربي.. عاش في لبنان مديراً لخطوط بلاده الجوية.. هذا الرجل عشق الحياة في لبنان.. كوّن من الأصدقاء أكثر من اصدقائه في بلده.. لكن بلاده الغالية على من عرفها وزارها.. أصيبت بالسخام العربي.. فعندما عايدني مهاتفاً.. كان يبكي على الديمقراطية في لبنان.. فهو يعتبرها رئة الوطن العربي..
قلت له وأنا اضحك وقلبي يبكي.. الديمقراطية في لبنان.. أصبحت ديمقراطية المحاصصة السياسية والمال المنهوب.. الكل يختلف مع بعضه البعض حتى على قشرة البيضة.. فعسى أن يستعملها لتجميع حبيبات الماس المشترى بقوت الشعب من السرقات «على عينك يا تاجر».. يجمعها من العهر السياسي والطائفي.. يجمعها من التعالي حتى على من يضعونه في المدرسة بصفوف الروضة ليلقنونه الاحرف الأبجدية.. فلا تبكي على ديمقراطيتنا.. هي للخطابات السياسية والاستبداد بالشارع؟!
ولما سألته عن أحوال بلاده قال: رغم بُعدك عنها أنت أعلم مني بحالها.. أنت تتابعين وتربطين الأمور ببعضها.. وقد علمت أن خمسة دعوات وجهت لك للزيارة ورفضت الحضور.. في كل مرّة كانت حجتك كبيرة وتسمح لك بالتغيّب.. قلت أتعرف لماذا؟ لأنني لا أريد أن أرى الأماكن على حالها.. وأن افتقد رؤية من احترمهم وأعزهم كأفراد..
قال: البلاد ما عادت هي البلاد.. والعباد ما عادوا عباد شطار.. بل أصبحوا أشلاء عباد.. ونحن البعيدون عن الوظيفة حط بنا الرحال في الأراضي الطوطاحة (البعيدة) سعياً وراء تعليم الأطفال والنفاد برؤوسنا.. زرت الوطن لأجمع بعض الأوراق.. وجدت المنزل منهوباً ولكن لله الحمد وجدت الأوراق تفترش الأرض.. ما كان يهمهم سرقة مال وأثاث ومصاغ.. المال القليل أخذته معي في ترحالي من مكان إلى آخر ونفذ.. أما المصاغ فليس لدينا منه شيئ.. أما الأثاث فلم يُترك منه شيئاً حتى حنفيات المغاسل والمطبخ أخذت.. المهم وجدت ضالتي.. لكن صدقيني نمت ليلة على الأرض.. حتى أقول انني نمت في بيتي..
في بلادي الأحزاب تولد كما «بق الفراش» برائحته المقززة.. وما أن يولد حزب ويعلن انتماءه حتى يتفرق شمله.. لأن كل عضو يريد أن يكون هو رأس النخبة.. النخب من هذه الفئة.. كما جملتك الشهيرة «كل النخب ولأي مذهب إنتموا هم حشرات المجتمع إلخ»..
ضحكت.. طيّبت خاطره بقول: «سألقاك في مهجرك؟!».


أخبار ذات صلة