بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

4 نيسان 2019 12:00ص شلّة أُنس!!

حجم الخط

اتصل «صاحبنا» يخبرني عن مفارقات الحياة.. وكيف أنّها قد تجمع ما بين الواقع والخيال.. فينصهر المحسوس مع المأمول والمتخيّل.. وأبلغني بأنّ نظره وقع منذ أيام قلائل على رواية أجنبية.. تحمل عنوان «كيف تخسر صديقاً في ثوانٍ!!».. فجذبه العنوان رغم إيمانه المطلق بأنّ خسارة الأصدقاء.. لا تتم إلا بعد نزف الجروح وسقم الروح..
وبالفعل اشترى الكتاب وهرول إلى أقرب مقهى.. متّخذاً ركناً أنيساً مع كوب من الشراب البارد.. في عز الطقس العاصف والماطر.. آملاً بأنْ تثلج الرواية «مرجل» تلهّفه لقراءتها.. وراح يغوص في دهاليزها الأقرب إلى الوهم.. 
وما أنْ اختتم «صاحبنا» الرواية.. حتى تنبّه إلى الوقت الذي مرَّ كالبرق.. لكنه كان حزيناً على أمور ثلاثة: أوّلها ثمن الرواية.. وثانيها وقته.. وثالثها قراءته لسطور تافهة «من وجهة نظره».. وما كاد ينهض من موقعه.. حتى تجسّدت فصول تلك الرواية أمامه.. بأبلغ من معنى ودليل.. بالفعل شاهدت عيناه صديقاً أكثر من أخ (بالنسبة إليه).. ولطالما كان «صاحبنا» خير معين وسند وعضد لهذا الصديق المزعوم.. الذي إذا ما طلب لو لبن العصفور.. كان يلبّيه دونما سؤال: لماذا أو كيف أو أي استفسار؟!..
ولكن كانت صدمة «صاحبنا» أبلغ من مرمى النظر.. فالصديق «إيّاه» أبلغه صباح ذاك اليوم.. بأنّه لن يستطيع اللقاء به كونه «محروراً».. ولا يريد مغادرة المنزل في هذا الطقس الماطر.. وما أنْ همَّ «صاحبنا» لعيادته في الدار.. اعتذر الصديق متعللاً بالعدوى وما إلى هنالك.. فانكفأ «صاحبنا» وانطلق ناحية «خير جليس في الأنام – الكتاب».. ليتبيّن له لاحقاً أنّ الصديق «ملموم على شلّة أُنس».. وأنّه كاذب في كل ادعاءاته..
وبما أنّ العين خاطبت العين.. وبما أنّه كان الأجدى بالحياء مما اقترفته النفس أنْ يكون سيد الموقف.. إلا أنّ هناك عيون «تندب فيها رصاصة».. فسارع «الصديق المخادع» لـ«يتغدى بـ«صاحبنا» قبل ما يتعشّى فيه».. قائلا: «أيوا أيوا.. أنا مريض وإنتَ عم تشم الهوا؟!».. فما كان من «صاحبنا» إلا أنْ مد يده.. ممسكاً يسرى «الصديق اللدود».. وواضعاً الكتاب في تلك اليد.. وسار دون أنْ ينظر خلفه.. مكرّراً: «صدقت»..


أخبار ذات صلة