بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

4 حزيران 2020 12:00ص على هدى الرحمن

حجم الخط
أيقظتني من سُباتي غير العميق.. سائلة عن جرعة من الماء تروي بها ظمأها.. ومتوسّلة ألا أبقى في سريري.. بل أنْ أنهض من أجل ابنتي.. وقالت: «يلا يا بابا قوم من النوم.. في حدا بنام وبنتو عطسانة (عطشانة).. أنا مَلَلِتْ من هيك بابا ما بيهتم ببنتو»..

ورغم نُعاسي وتعبي من نهار عمل طويل.. وبما أنّ الساعة أوشكت على أنْ تُبِلِغَ.. عن بزوغ الخيط الأبيض لفجر يوم جديد.. وفي غمرة نُسيمات باردات في أوائل حزيران.. إلا أنّني نهضتُ قائلاً: «سمعاً وطاعة يا أميرتي الصغيرة»..

من أعماق أعماق قلبها.. ضحكتْ وردّدتْ: «أنا الأميرة الصغيرة يا مولاي.. هيّا بنا إلى المطبخ نثرب (نشرب) الماء».. وإذ بكلماتها تنزل عليَّ برداً وسلاماً.. فجلستُ إلى حافة السرير أرتجف من قهقهة ضحكاتي.. لتنهض الأم مذعورة: «شو في؟!.. خير بكم شي؟!»..

كانت لحظات ثُلاثية الحضور.. لتسارع «رابعتنا» إلى الصراخ من الغرفة المجاورة.. مردّدة أحرفاً ببغائية.. لم نفهم منها إلا «هبيبي» (حبيبي).. ولكن المفاجأة كانت أنْ ابنة الـ16 شهراً قفزت من سريرها.. وحطّت على السرير المجاور فَرِحَةٍ بإنجازها «الخُرندعي»..

هو ختام ليلة واستقبال فجر أروع من أنْ أحلم بواقعيّته.. وبالفعل مضيتُ إلى المطبخ لسكب كوب من الماء.. وإذ بالحليب يكون الطلب الأساس.. وتُصرُّ الصغيرتان على كوبين من الحليب.. يُطفآن الظمأ ويرويان العروق.. لنختتم الليل ونستقبل الفجر بصلاة «رُباعية».. نبدأ بها نهارنا على هدى الرحمن.. 


أخبار ذات صلة