بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

8 آذار 2019 12:00ص قمّة الجحود والانحطاط!

حجم الخط
لو سُئل اللبنانيون هذه الأسئلة ما عساهم يجيبون؟ هل النائب أهلٌ لثقتكم؟ وهل الوزير صادقٌ معكم؟ وهل المدير العام محترمٌ بنظركم؟ 
أترك الإجابات للبنانيين كي لا أصادر على المطلوب. لكن لا يخفى على أحد رأي الأغلبية الساحقة بالطبقة السياسية. وعلى هذا الأساس، يُخيّل لي أننا أمسينا في مجتمع لم يعُد فيه من القيم العليا شيء! 
أين الإحترامُ حتى بين الخصوم؟ أين العدلُ الساطع حتى في عقر داره؟ أين العلمُ الواسع حتى في صروحه؟ بل أين الحضارةُ في كل ما نحن ساقطون فيه؟ إنه النكران لكل قيمة أخلاقية مجرّدة عن القوّة الغاشمة، وإنه التنكّر بالفضائل السنيّة لبلوغ المآرب الدنيّة. 
هل لكل هذا الانحطاط المتمادي علاقةٌ بصورة المعلّم (الأستاذ) في المجتمع؟ دون أدنى شك. فحين يغفلُ التلامذة في مدارسهم عن توقير أساتذتهم، والوقوف على تضحياتهم الشريفة في عيدهم السنوي، ولو بحرفٍ أو كلمة شكر؛ فلا عجب أن نرى بعد ذلك، الصغارَ وقد تطاولوا على كبرائهم، والموتورين وقد نقضوا عهود المعلمين الأوائل ومواثيقهم. 
أضحى الجميع بلا مرجعية يفيئون إليها، وبلا خلُقٍ رفيع يتأسّون به، وبلا منطقٍ سليم يصدرون عنه في أقوالهم وأفعالهم. 
وما كان للمجتمع أن يجحدَ بالذين كادوا أن يكونوا رسلا، لولا أن جحوداً أكبر استوطن قلوب المسؤولين في الدولة تجاه المعلّم، المجاهد الأوّل والمناضل الأخير، في ساحات الأجيال المفتوحة ومعاركها؛ فأغمطوه حقوقه المشروعة، واستكثروا عليه الخيرَ القليل، كي يعيش عزيزاً كريماً، صابراً على نوائب الدهر وتقلّباته، مستمسكاً بالعروة الوثقى للوطن، أي المدرسة الرسمية.   
حين يعاني المعلّم في حضارة علّمت العالم أبجديّتها، فهذا يعني رسوبَ الجميع، تلامذةً ومسؤولين وزعماء، في الامتحان الحقيقي؛ ويكون الوطن عندئذ، في قمّة الجحود والانحطاط! 


أخبار ذات صلة