آسفة يا وطني.. نحن الشعب اللبناني نعيش في عصفورية سياسية واقتصادية ودولارية.. المسؤولون ما قبل 17 تشرين الأوّل الماضي، وحتى يوم الأمس 11 تشرين الثاني، مضى على اعتراض الشعب على وجودهم 26 يوماً.. ثورة الشعب اللبناني مُختلفة عن كل الثورات، إنّها تطالب بالحق الإنساني والاجتماعي والصحي والاقتصادي وانتهاء الجوع.. الشعب من جميع الفئات والمستويات والطوائف.. وقف مُطالباً بمُحاكمة مَنْ نهبوا أموال الدولة، وضرورة إعادة المال المسلوب إلى الخزينة، وتغيير الوجوه التي أوصلت البلاد إلى الدرك الأسفل..
الشعب نبذ الطائفية والحزبية في كل الساحات، ويُطالب برحيل كل الطبقة الحاكمة.. أليست هذه صرخة: إنسانيتي ومواطنتي إلى أين؟
الطَلَبَة من الجنسين صرختهم واحدة.. يُطالِبون بالتعليم المجاني وإيجاد فرص العمل بعد التخرّج وليس التسوّل على أبواب السفارات للحصول على فيزا للهجرة.. نعم نحن شعب عُمِّرَتْ الدول العربية بعقول وسواعد شعبنا.. لكن للأسف سياسيونا يتلاعبون بمستقبلنا..
حكاية تُروى.. يجب أنْ نتوقّف عند هذه المشهدية.. بعد أنْ أخبرتني إحدى الجارات بأنّها صرفت الدولار بـ1930 ليرة يوم السبت الماضي.. هي تضحك فرحة في الوقت الذي كنتُ أرتجفُ كورقة الخريف هلعاً.. رغم عدم امتلاكي لليرة والدولار معاً.. لكن إلى أين؟
تحايلتُ على نفسي بأنّني يجب أنْ «أشرّج» هاتفي.. وذهبتُ إلى أهم الأماكن في شارع مار الياس.. وبعد ذلك توجّهتُ إلى مكتب صيرفة.. قائلة له أريد تصريف دولار إلى لبناني.. قال لي هبط السعر إلى 1730 ليرة للدولار.. قلتُ أتركني أُجري اتصالاً مع جدّتي، علماً بأنّ جدّتيَّ ارتحلتا إلى عليين.. ولما دخلتُ قال آسف هبط إلى الـ1700 ليرة.. ثم التفت إليّ قائلاً، وأنا أُمثّل البحث عن المبلغ في حقيبتي أسرعي أصبح 1630 ليرة.. قلتُ: لا هذه عصفورية دولار..
مَنْ يجب أنْ يحافظ على أموال المودعين والمديونين وأموال الشعب؟.. يبدو في كل ما قاله حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لا يعبّر عن الوضع الراهن.. لأن الشعب يقول: «مصرياتنا كانوا قبل مع سلامة وهلق صاروا مع السلامة»، وأي سلامة في عصفورية مالية؟!