بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

19 شباط 2021 12:10ص لبناننا جميعاً واحد!

حجم الخط
لا أحد يحق له اليوم أن يقول لنا ما قاله جبران في الماضي: لكم لبنانُكم ولي لبناني. فلبناننا جميعاً واحد. صنعنا كلنا أزماته الواحدة تلو الأخرى، واعتدينا كلنا على وجوده ومقامه، وأجهزنا كلنا عليه بضربة رجل واحد. لا فرق بين طائفة وطائفة أو بين جماعة وجماعة أو بين فكرة وفكرة. كان لبنان ضحيّتنا أكثر ممّا كنّا ضحيّته. فنحن لم نرد يوماً أن نتعلّم كيف نحفظ وطناً بما يليق بكرامته الحقيقية، وكيف نُدير بلداً بما يحميه من الانهيار المريع، وكيف نكون شعباً بما يُبعد عنّا شبح الحرب القذرة. لم نكن جميعاً سوى مغامرين، نطمع بما لا يمكن لنا أن نملكه أبداً على حساب ما نملكه حقاً. كل واحد فينا تخيّل في لحظة ما أنّه أكبر من البلد، وأنّ الوطن ظلّه الدائم، وأنّ الدولة تفصيل صغير في أجندته المتزاحمة. ليس السياسيون وحدهم من تمترسوا خلف مراياهم المقعّرة. الناس أيضاً كل واحد منهم أغمض عينيه عن حجمه الحقيقي، وصار ينظر إلى الدولة شزراً في علنه وفي سرّه. لقد تعاونا جميعاً على الإثم والعدوان على الوطن والدولة وعلى الأرض والسماء والبحر. ظلمنا في كل شيء: بالسلطة كرأس لمارد الفساد، بالمال كأيديه السوداء الكثيرة، بالتجارة كأقدامه التي يسابق بها ريح الأوهام، بالكلمة كلسانه المعسول بالسمّ الزعاف، وبالفكرة كقلبه المعقود على الحيلة الدائمة والخبث اللامحدود. يسألنا جبران: هل بينكم من يتجرَّأ أن يقول: «إذا ما متُّ تركتُ وطني أفضل قليلًا ممَّا وجدتُهُ عندما وُلدت»؟ الجواب حتماً سيكون ملكاً للأجيال المقبلة التي لم نترك لها للأسف مكاناً تأمن فيه شرور المستقبل. هذا المستقبل الذي كنا أفشل شيء فيه. ليته يتأخر بعد، ليته لا يشهد على خيبتنا غداً أو بعد غد. وحده جبران خليل جبران له لبنانه الباقي، لبنان العذوبة والسكينة والطمأنينة، لبنان الذي لا يتصل بعدو، ولا ينفصل عن أخ وصديق، ولا يتفوق على فقاعة فارغة، ولا يتصاغر أمام كرب أو محنة. أما نحن اليوم فلسنا على شيء! 

أخبار ذات صلة