كم من خبر ماساوي يطالعنا كل يوم عبر المواقع الاخبارية عن شاب قضى في رحاب الوطن او خارجه، اثناء بحثه عن لقمة عيش تجنبه العوز والجوع له ولعائلته، وكان آخرها سقوط شاب اثناء تعليقه لوحة اعلانية في احدى المناطق اللبنانية، هو كغيره من الشباب اللاهثين وراء هذه «اللقمة» التي لم تعد مغمسة بعرق التعب والجهد بل اصبحت مغمسة بالدم، هذا الشاب وقبله الكثير منهم رحلوا وهم يبحثون عن بعض المال الحلال، عملوا وكدوا حتى لا يكون «الحرام» طريقهم في الحياة، الا ان موتهم اسقط من حياة عائلتهم المعيل، فمن سيعيل ابناءهم، هل سيكون مصيرهم التسول على الطرقات؟
سؤال برسم الكبار والحيتان الذين نهبوا البلاد طيلة عقود بعد ان امّنهم الناس على بيت المال، فكانت الفرصة الكبيرة لا من حسيب ولا رقيب حتى اتخمت حساباتهم المصرفية، على عينك يا تاجر، وبدل ان يبنوا دولة الرعاية، جعلوا من بلاد الارز دولة النفايات والديون، وجاؤوا في نهاية الامر يحملون المواطن الكادح مسؤولية تسديد هذه الديون، ويهددون اما باعلان الافلاس او الاقتطاع من رواتب الفقراء والموظفين وزيادة الضرائب، والاغرب ان كل كتلة تتنصل من هذه المقترحات بجحة عدم المس بالفقراء، والاسعار ترتفع كل يوم ولا من حسيب ولا رقيب.
فلو كان الافرقاء حريصين على الناس كان يمكن لأي اجتماع اقتصادي ان يخرج بقرار واحد: «اعيدوا ما سلبتموه الى الخزينة» ولن تكون هناك حاجة لسيدر او لغيره، ولكن يبدو ان الشهية عندهم لا تنتهي ويتطلعون الى مكاسبهم من سيدر ومن النفط والغاز، اليس من حق اللاهث وراء لقمة العيش ان ينتفض عليهم ويقول: كفاكم سرقات حان الوقت لترحلوا وتتركوا من يستطيع ان يبني دولة رعاية.