بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

16 آذار 2018 12:25ص ما فيك تشكّل!

حجم الخط
«ما فيك تشكّل» بهذه العبارة الصادمة، روّجت وزارة الداخلية لقانون الانتخابات النيابية الجديد. لوحات إعلانية على الطرقات تحاول أن تشرح للمواطنين ما تطلّب من المسؤولين أنفسهم، ساعات طويلة لاستيعابه؛ وأن تُبسّط لهم ما لا يمكن تبسيطه أبداً. فالبساطة الوحيدة التي يفترضها هذا القانون العجيب الغريب هي بساطة الناس (للأسف!) وعزوفهم عن التفكير في مصيرهم، ومستقبل أولادهم، ومآل بلدهم. من خلال هذا القانون، يُمنع على الناس (الناخبين) أن يختاروا بملء حرّيتهم، وبكامل إرادتهم، وبراحة ضمير تامة. ثمّة ما يُقلق راحتهم، ويسدّ الأفق الرحب عليهم، ويكبّل أيديهم، ويُغمض أعينهم بالاكراه عن أشياء كثيرة يكرهونها ولا يستطيعون تغييرها أو حتى الإعلان عن رفضها. مدى صوتك محدود جداً، والصندوق ـ ربما ـ لن يُرجع لك صداه، بل أصداء أصوات أخرى أعلى من صوتك، حتى حين يبدو المشهد لك (ولغيرك) وكأننا أمام كرنفال أصوات متساوية.
لا يحق لك أن تُشكل، فقط عليك الاختيار بين لوائح متصالبة ومرشحين كثر، منهم من لا يعنيك أمره أبداً، ومنهم من أقسمت على عدم انتخابهم مجدداً.. ولكن إيّاك وهذا العناد، وهذا الاختيار الحرّ بين المرشحين واللوائح، لأنّ نتيجته ستكون هي الباطل بعينه! صوتُك حينئذ سيُخنق في مهده، وسيلفظه الصندوق الانتخابي الحديدي! على الحريّة أن تكون من خشب هنا، لكن مياه الطوفان السياسي الطائفي الزعائمي، أفسده تماماً. 
منذ زمن بعيد، ولا يحق لنا، نحن اللبنانيين، أن نُشكّل! ممنوع تشكيل الهويّة، وممنوع تشكيل المصير، وممنوع تشكيل الأمل بالغد، وممنوع تشكيل الخيارات السياسية، وممنوع تشكيل الأحلام، وممنوع أيضاً تشكيل الهواء الذي نتنفّسه حتى لو كان ملوّثاً ومسموماً. 
باختصار نحن، بنظر الطبقة السياسية في شركتها القابضة، مجرّد تشكيلات مخصية عن حقّها في التشكيل!        

أخبار ذات صلة