بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

6 كانون الأول 2019 12:02ص متى نقول أنتم ناجحون!

حجم الخط
تهطل الأمطار بقوة، تغرق الشوارع والسيارات في مشهد مأساوي جديد قديم؛ فتقول لنا الطبيعة: أنتم فاشلون! 

تنهار الليرة أمام الدولار، تهتز البنوك اهتزازا عنيفاً غير مسبوق، وتدخل ودائع الناس إلى غرف الإنعاش المكتظة؛ فيقول لنا الاقتصاد: أنتم فاشلون!

ينزل الشعب الغاضب إلى الشارع احتجاجاً، يملأ الساحات على امتداد الوطن الصغير، يرفع صوته عالياً ضد طبقة من المسؤولين راكمت خلال عقود طويلة ما راكمته فوق ظهره، من فساد ونهب منظّم لثروات البلد، فتلاقي السلطة الناس مرة بصمّ آذانها وإغلاق عيونها، ومرة أخرى بتحريك صبيانها تهديداً للمتظاهرين السلميين بإعادة عقارب الحرب الأهلية إلى الوراء. يدخل الجميع في دوامة الرعب؛ فتقول لنا السياسة: أنتم فاشلون!

نتطلّع إلى الخارج، ننتظر أن تهبط علينا كلمات السرّ، كأنها حصى يُقذف بها إلى مياهنا الراكدة، يزداد التوتر داخل الغرف المغلقة، تتضارب الرؤى بين اللاعبين، وتتشتّت المصالح في مرايا كثيرة تتوزّع بينهم، فيقف كل واحد أمام مرآته متأمّلاً في صورة منعكسة، ليست له على الحقيقة. يقول لنا الخارج: أنتم فاشلون!

فشل على فشل يُضاعف نفسه باستمرار، فشلٌ في كل الاتجاهات وبكل المقاييس، ولا يوجد من يضع حداً له، كأنّه وحش تربّى في مختبرات السياسة والطائفية، ثمّ خرج عن سيطرة  الجميع، وراح يبتلع كل شيء يقف في طريقه. قتل هذا الوحش هو الخيار الأكثر بعداً حتى الآن. خيارات أخرى تتقدّم إلى عقل أهل السلطة أحلاها مرّ. 

الثورة على الفشل ربما هي أهم ما في الثورة اليوم. فالنجاح هو العنوان الأبرز الذي يحتاج إليه اللبنانيون ويحتاج إليه البلد حالياً في السياسة والاقتصاد والعلاقات مع دول العالم، وكذلك مع الطبيعة. فمتى سنقول: نحن ناجحون؟! 


أخبار ذات صلة