بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

29 تموز 2020 12:00ص مغارات علي بابا

حجم الخط
من زمان... عندما كنت في زيارة للأهل بالامارات من غير اليوم، اكتشفت مغارة علي بابا، وعلى قد بساطي، بدأت أمد يدي وأغرف.

ومغارة علي بابا هي ماكينة الصرّاف الآلي ATM، وكنت حديثة العهد بمعرفتها، لكن أحدهم أكد لي بأنه يمكنني أن أسحب من حسابي في لبنان عبرها في الإمارات.

وتخيّلوا فرحتي خاصة عندما لفظت كلمة السر «افتح يا سمسم»، وأعطتني الماكينة ما كان ينقصني. وأصبح «سمسم» رفيقي في الأسواق.

إذا كانت هذه الماكينة العجائبية تحوّلت إلى مغارة علي بابا بالنسبة لموظفة بسيطة مدخراتها على قد بساطها، فكيف بالمصارف كلها وما تملك، بالنسبة للمهيمنين على مقدرات البلد والبنوك والشؤون المالية، ومن ركب الموجة؟!

مغارات على حيلها فُتحت وغُرف منها بلا حساب وكتاب، وعلى ذمة القائل: كان بساطهم أبعد من مد البصر... من الكهرباء والنفط غُرف، من الريجي والكازينو والمولدات والكسارات ومواقف السيّارات غُرف، من المرافئ والبوابات الحدودية والأملاك العامة غُرف. حتى من مدخرات المواطنين والمودعين غُرف، وانتشرت كلمة السر، وكثرت أعراس المليون دولار وكأنها أساطير، والسمع بمليارات يملكها فلان وعلان، وموظف بسيط كان والده لا يملك شروى نقير. وحدث ولا حرج، والدولة غافلة بالعسل. و«سمسم» فاتحها على الآخر، حتى على اللعب بلقمة المواطن.

مغارات على حيلها كرّست فرح المتنفذين وسلطتهم من جهة، ووجع الكادحين من جهة أخرى، هم يبقون في مناصبهم، يورثونها، والمغلوب على أمرهم تسلب مدخراتهم ويُصرفون من وظائفهم تعسفاً.

وبكل القهر على مساحة الوطن نظف الأربعين حرامي البلد من كل قيمة إلا من القمامة وروائحها. واليوم يتقاتلون على جنس الملائكة ويوهموننا بالاصلاح، الإصلاح الذي «كعّا» سيدر وأُمنا الحنونة وصندوق النقد الدولي والأصدقاء، بعدما قادوا أحد أجمل بلدان العالم إلى أفقر وأبشع مكان، وارتحل شبابه إلى مطارات العالم والمصير المجهول.

هل رأيتم في بلاد الله الواسعة بأن من يقود بلده إلى مزبلة التاريخ، يبقى في منصبه، لا يُحاسب، ويُطلب منه الإصلاح... عجب؟!




أخبار ذات صلة