في الساحات ثرنا، تجمّعنا، تظاهرنا، قرعنا المستوعبات والطناجر وطالبنا بحقوقنا. ومن دون ضربة كف، احتفلنا بالآلاف بمناسبات حسدنا العالم فيها على تنظيمنا ورُقيّنا... لكن البعض لا يُناسبهم الرقيّ.
وظهر الغوغاء... تواجهنا واصطدمنا وتغيّرت الصورة بعد فترة تماماً. البعض حمل العصي والحجارة، واختار الاستفزاز والضرب في الصميم، ثم قرّر استحضار رموز دينية من التاريخ بأبشع الشتائم بلا خجل، علماً أن غيابهم أو حضورهم لا يُعيد إلينا لقمة الحياة ولا الأموال المنهوبة.
والبعض الآخر اختار قطع الطرقات وحرق الإطارات، وتسليمنا للدخان الأسود يخنقنا ويخنق صغارنا، وراح يعمل تكسيراً وتخريباً واستباحة للساحات وشوارع بيروت الحبيبة.
والغريب أن لا شيء يُوقفه، لا خراطيم المياه ولا مسيل الدموع. والأغرب: لا هنا تغدّينا، ولا هناك تعشّينا، ولا في البنوك استعدنا فلساً واحداً من مدّخراتنا المنهوبة. والمستغرب خسارتنا في الأموال والممتلكات دون حسيب أو رقيب أو تعويض!!
قد نكون اعتقدنا خطأ أننا في بلد متحضر، لكن الأكيد أن أرباب الفتن يُتقنون فنّ اللعب بمصير الوطن وتوجيه البوصلة حسب مصالحهم لتمرير مخططات صارت مكشوفة.
هؤلاء يريدون دولة مزارع وليس وطناً للحق والعدالة وللشباب الوطني المُنتج.
وفي دولة المَزارع، نتيقّن بأننا أهملنا بذر البذور الصالحة بعناية ودقة لبناء وطن حقيقي يقوم على المؤسسات والقوانين والأبناء البررة.
أكلنا الضرب... وهذا حصادنا.