بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

20 تشرين الأول 2017 12:07ص وحدها الأزمات تتقدم في بلادنا!

حجم الخط
يدفع المواطنون ثمن الأزمات المتتالية التي تتسبب بها الطبقة السياسية بل تفبركها بطريقة تفوق الوصف والخيال. ففي كل يوم تبزغ أزمة جديدة، تخضّ البلد، وتعكّر الحياة، وتترك آثارها السلبية في نفوس الناس وأعصابهم، حتى بات الجميع في حالة غير طبيعية، لا أحد يتفق مع أحد أو يطيق كلمة يقولها غيره، ولا أحد يثق بالآخر أو يقبل نصيحة منه. وكأن الكل أصبحوا أعداء بعض، وكأن الكل أصبحوا داخل حلبة للصراع المميت؛ فإما قاتل أو مقتول. جرائم يومية تهزّ الوجدان، وحوادث موت مؤسفة على الطرقات جراء السرعة المنفلتة وسوء التنظيم المدني، أو فوق أسرّة المستشفيات والعيادات التجارية جراء التسرّع الطبي والتربّح المالي على حساب صحة المواطن وحياته. 
صار خبر الموت - الفاجعة أكثر الأشياء اعتياداً في حياتنا، وأقل الأشياء تحريكاً لمياهنا الراكدة، بل الآسنة بفعل ما تراكم فيها من جراثيم السياسة التي تضرب أسس حاضرنا وتهدد بالموت مستقبلنا. الأزمات تتصدّر أحاديث الناس؛ تكاد تُفقدهم عقولهم، وتُشعرهم بالخطر المحدق بهم من كل حدب وصوب. أما الكلام المطنب عن الحلول؛ فيشبه السراب تماماً، أو ذر الرماد في عيون البائسين الحالمين بدولة قوية، تصون حياتهم، وتحفظ معاشهم، وتؤمّن لأولادهم البقاء في أرضهم، كي لا يتحوّلوا بين ليلة وضحاها إلى لاجئين مطرودين وممنوعين من العودة إلى مدنهم وقراهم. 
أزمات تتوالد وتتناسل حتى صار لها بيننا شجرة عائلة عريقة، نعرف تاريخها جيداً، ونحكي قصصها لأحفادنا؛ كأننا بذلك نحكي عن أنفسنا وعن أعمارنا المهدورة بين حرب هنا نحن أبطالها وحرب هناك نحن ضحاياها. لا أحد سيصدّق بعد الآن، أن عصر الأزمات سينتهي أو سيتوقف على الأقل. فوحدها الأزمات تتقدم في بلادنا!


أخبار ذات صلة