بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

10 كانون الأول 2020 12:00ص يا حرام على الفقير بلبنان!!

حجم الخط
فيما كنتُ أعمل على تضييع بعض من الوقت «المسفوك» في أيامنا اللبنانية.. بانتظار أن يأزف موعد قرع جرس انتهاء اليوم المدرسي (على ندرته).. وألتقي بطفلتي ذات السنوات الـ5.. لنعود إلى ديارنا سالمين غانمين.. إذ بحوار دار على مسمعي بين طفلة (أغلب الظن لا يزيد عمرها عن الـ4 أو 5 سنوات) وأبيها..

وسألت الطفلة: «ليه يا بابا كل ما بطلب منك شي، بتقول غالي، وما معي مصاري هلاء.. وخلينا نجيب الضروري».. تلعثم الأب ولم يكد يعرف بماذا يُجيب.. لكنه حزم وحسم أمره وقال بلكنة المرعوب: «لأن يا بابا بلدنا حاميها حرامها.. فمن وين بدي جيب؟!»..

وإذ بلسان حالها يسأله مصحوبة بنظرة استغراب: «ما فهمت يا بابا.. بس أنا بعرف إنو نحنا فقرا وما معنا مصاري».. فسارع الأب إلى توجيه بوصلة طفلته نافياً معلومتها.. وقال: «لأ يا بابا نحن منقول الحمد لله.. لأن بلدنا مبتلي بزعما حراميه من كبيرهم لزغيرهم.. ولأنّ نحن ما منحب بعض.. وما مناح بحق بعض.. الله بعتلنا هيك حكّام وزعما»..

عادت نظرات الاستغراب لتستعمر وجه الطفلة.. واتسعت عيناها حتى تاهت كل الملامح.. وقالت: «يعني إجو الحرامية وسرقولنا مصرياتنا يا بابا؟!».. فأجابها: «إي يا بابا.. بس نحن الحق علينا لأنّ نسينا الباب مفتوح فالحرامية فاتوا منه وسرقونا.. ولما شفناهن عم يسرقوا سكتنا.. فافتكر الحرامية إنّ مالنا حقهم.. وما تركولنا شي»..

ما سبق هو غيض من فيض ما سمعته من حوار طويل عقيم.. فلا الأب قادر عن التوضيح لطفلته أنّ اللبنانيين أصبحوا كـ»الأيتام على موائد اللئام».. وأنّنا خلال أيام حتى منقوشة الزعتر سنترحّم على أيامها.. لأنّها ستصبح من الترف والكماليات.. ونحن شعب لا نكاد نستحصل على الأساسيات.. فإنْ وضعنا العلم (الذي هو حق من حقوقنا).. فإنّ الطبابة والمعيشة من مأكل وملبس غدت في ظل سلطات أمر واقع متعاقبة «زيادة عدد».. ويا حرام على الفقير بلبنان!! 


أخبار ذات صلة
أزمة وجود
20 نيسان 2024 أزمة وجود